تميمة في العنق والزند

تميمة في العنق والزند

تميمة في العنق والزند

 صوت الإمارات -

تميمة في العنق والزند

ناصر الظاهري

ثمة أمور في الحياة لا تقبل القسمة على اثنين، ولا تقبل التأويل، قد يغدر بها الناس والزمان، قد يظلمها الوقت، قد تغيبها المصالح، قد تحجبها ظلمة الليل، لكنها مثل فجر يفرح بضوئه، فللسيف غمد، وهو لا يقبل السكون إلا في غمده أو في صدر العدو مقبلاً، لا في ظهره مدبراً، ثمة أمور في الحياة لا تباع ولا تشترى، ولا يمكن أن تخضعها الظروف للمساومة، تبقى هي الأطهر في الحياة. فللثوار من طُهر الرسالة نصيب، ولرجال التاريخ من نقاء السريرة، ومجالدة الأيام نصيب، وللفاعلين في حياة الناس من شعراء وفنانين وكتّاب من الصدق والالتزام نصيب، وللشهداء من أجل الواجب الإنساني، وفدى الأوطان نصيب.

هكذا قدّر للأمور أن تسير، لا يغيرها قول قوّال، وضحك متلوّن أو هذر مدّاح أوهمّاز أو مشّاء بنميم، لا يغيرها تقلب الزمن، واشتداد المحن، وقياس القيم بالثمن.

هي أمور ظلت تمشي مع الإنسان، وظلت تسكن رأسه وعقله وقلبه، يقطّرها في فم وليده كطير زاغى الريح قبل أن يحل في عشه، ويطعم فرخه، بقيت كثوابت ترزّ الإنسان في مكانه إن هاج موج وتلاطم، أو تزعزعت الأركان، ومادت الأرض، ولو فرّط فيها يوماً تحولت إلى ضمير موجع، ونداء في الداخل مفجع، حتى تستقيم الأمور وتعتدل، لتبقى ضمن وصايا الآباء للأبناء، ينتصر لها في أي وقت، وأي مكان، وأي زمان رجال تعرفهم بسيمائهم، والنبل على غرة جباههم، هم حرّاس الأوطان والأشياء الثمينة التي تقاس بالشرف.

للمقدمات الطويلة أحياناً لازمتها وضرورتها، حين يفقد الإنسان ما تعلمه من أبجدية، وما نسيه من حروف التأتأة الأولى، وما صبّه أولئك المعلمون في الصدور مرة من تعاليم الأنبياء والأتقياء وصنّاع التاريخ الشرفاء، وما أسقته تلك الأم من ماء صدرها ودمع عينيها، وما تناثر من وصايا الأب التي علّقها حول عنق بكره يوماً وذهب.

هي مقدمات حين تزل القدم، وتضيع بوصلة الأمور، فالصريح يحج على بغلته، والخيل المطهمة تسرج، ويهج بها الدعيّ لوجهته، يقرّب الكاذب ويصدّق، ويبعد الصادق ويكذّب، هي تمتمات حين تدور الرحى الثقال، فلا تسمع غير جعجعة بلا طحن، ودرس بلا ضرس، وكله قبض الريح.

هي وقفة للمتأمل على شرفة الوقت، ونظرة المتألم من عذابات الوقت، هي تعويذة للذي لا يحب أن تمر المياه من تحت رجليه، أو تحرق النار العشب الذي تحت قدميه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تميمة في العنق والزند تميمة في العنق والزند



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates