الضحكة الغائبة

الضحكة الغائبة

الضحكة الغائبة

 صوت الإمارات -

الضحكة الغائبة

ناصر الظاهري

كُنت في مقهى بإسطنبول، وكان يعرض أفلام «شارلي شابلن» باستمرار على شاشته الكبيرة، وتساءلت لماذا كان شارلي شابلن يضحكنا كثيراً في أفلامه الصامتة؟ لكنه حين كبر، وكان أكثر نضجاً وفلسفة، لم يعد يمتعنا، ولم نستطع نحن أن نتقبله بشكله الجديد، وتمثيله الجديد، حتى أفلامه القديمة حين نراها الآن بالكاد تنتزع بسمة يتيمة، وكانت في الأيام الخوالي تخرج الضحكة مجلجلة لمجرد ظهور ذلك الممثل ببدلته المهلهلة، وحذائه الكبير وقبعته وعصاته، وحركة الفيلم السريعة. والشيء نفسه يحدث حين نشاهد سلسلة أفلام إسماعيل يسن، لقد كانت حركات وجهه، وكلامه، والمواقف التي يتعرض لها تجعل خواصرنا تهتز، ونظل نضحك حتى لو رأينا الفيلم أكثر من مرّة، اليوم حين نشاهد نفس هذه الأفلام نجد أكثرها غير مسلٍ وساذجاً ومملاً، ونتعجب كيف كنا نضحك في تلك الأيام الخوالي حتى تغرورق عيوننا بالدمع، و«سُمعه» كان في يوم من الأيام مسلياً ومضحكاً، أما اليوم فنجده مملاً، وتمثيله مبالغاً فيه، وحركاته في غاية السذاجة، ولا تضحك إلا الأطفال المحرومين من أدوات التسلية، والمجبرين على مشاهدة شاشة غير ملونة.
دريد لحام كنا نضحك له زمان حين يظهر في أي مشهد، وتفرحنا مقالبه الكثيرة، ونتعاطف مع شخصيته الشعبية «غوار» حتى غطت على اسمه، وكادت تأسره في ثوبها وقبقابها وطربوشها، لولا أنه تنبه لها وقبرها، وحاول أن ينفذ بجلده في مسلسلات وأفلام جديدة، ومسرحيات في غاية البكاء السياسي مع رفيقه الشاعر محمد الماغوط، لكن الناس لم يتقبلوه إلا في المسرحيات الناجحة، أما المسلسلات الجديدة رغم أنها كنص أفضل، لكنها كانت ثقيلة على معدة الناس، وغوار الجديد لم يستطع أن ينتزع ضحكة من محبيه السابقين، نعود إلى مسلسلاته القديمة بالأبيض والأسود، اليوم حين نراها من جديد، تبدو المشاهد فيها أشبه ما تكون بالمسخرة والبلاهة والسذاجة والتكرار الممل، لم يبق في الذاكرة إلا مسرح الشوك.
هل تغيرنا نحن أم أن الزمن غير تفكيرنا؟! هل أضافت الحياة على مخيلتنا أشياء جديدة وعميقة؟ أم أن الحياة تعقدت أمورها، وأصبحت قاسية لا تسمح بضحكة من القلب وابتسامة من الخاطر؟! أم أن نظرتنا للأمور، والحكم عليها تبدلت بحكم التقدم في العمر، وتثقيف الحالات، ومحاولة الرقي بها؟ هل أصبحنا أكثر قسوة تجاه البراءة والطفولة؟ وأكثر حزماً تجاه أنفسنا الصغيرة المنطلقة؟ أم أننا رأينا الكثير، والكثير من الأشياء، مما أصبح أي شيء، لا يعني شيئاً في حياتنا الجديدة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضحكة الغائبة الضحكة الغائبة



GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

لحظة تأمل

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

حرب الجنرال الغائب

GMT 04:30 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

كِتاب غزة

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

الحرب الثالثة ماذا بعدُ؟

GMT 04:29 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

«أوديب».. وقد غادر الطائرة

GMT 04:25 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

وزراء كانوا هنا

GMT 04:24 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

القرار الخاطئ

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:21 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الطقس حار نهارًا وغائم جزئيًا في بعض مناطق قطر

GMT 04:51 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

نقل بيليه إلى المستشفى فور وصوله البرازيل

GMT 14:29 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أرداف اصطناعية شبيهة بمؤخرة كيم كاردشيان للبيع

GMT 08:40 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ديكور مصورة لتجديد غرف الطعام هذا الموسم

GMT 04:56 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اتهام والتر ماير مدرب النمسا في قضية منشطات

GMT 23:07 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

كاميرا مراقبة بخواص استشعار متعددة من "باناسونيك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates