الدهرية

الدهرية

الدهرية

 صوت الإمارات -

الدهرية

ناصر الظاهري

منذ صغرنا، ونحن نعرف حكاية الأرنب والسلحفاة، وعبارة من جد وجد، ولا تؤجل عمل اليوم للغد، وكان الكثير منا يميل للأرنب في داخله، للخفة، والركض السريع، والجمال، ومحبته للجزر، ويعد السلحفاة حيواناً عجوزاً، ومملاً، ويعيش على هامش الحياة، لكن مع الكبر، والإدراك، نتحول للسلحفاة، مقدرين فيها الحكمة، والتأني، والجلد على الحياة، ومنصرفين عن الأرنب الذي لا يجيد إلا الهرب، والحفر تحت جدران البيوت، السلحفاة لا نحبها إلا في الكبر، ويتلاءم إيقاع حياتنا مع إيقاعها الرتيب والصبور، لقد رأيت أنواعاً من السلاحف في جميع مناطق العالم، وتكاد تكون متشابهة، حيث يوجد منها ثمانية أنواع، البرية، والمائية، أطوال بعضها يبلغ مترين، ويصل لخمسة أمتار تقريباً، وأوزانها تتراوح بين 450- 950 كيلو جراماً، لكن العمر الطويل وحده يميزها، ويمكن أن يمنحها شكلاً مختلفاً، بحيث تتحجر، وتصبح من الدهريات، ويختلط شكلها ولونها وترسها «الدرقة الصلبة» بتراب الأرض، فتشعر حينها أنها من بقايا الديناصورات المنقرضة، ويعرف عمر السلاحف من حلقات ترسها، كما يعرف عمر الشجرة من الدوائر في جذعها، ورأيت سلحفاة يباع لحمها للأكل فكرهت ذلك، حيث تجد عندنا السلحفاة المائية التي تسمى «الأطوم» بالفصحى، ونسميها بالعامية «الحمسه»، يتلذذ البعض بأكلها، ورأيت سلحفاة يشرب دمها، وخاصة من قبل النساء، طلباً للذرية، فكرهت ذلك، مرد الحديث، لأنني تلقيت نبأ نعي سلحفاة الملك فاروق، والتي ماتت عن عمر يناهز 270 سنة، مرّ عليها ملوك، وخديويات، وباشوات، وهوانم، وأفنديات، عرفت العيش في القصور والسرايا حتى جاءت ثورة الضباط الأحرار، وتحولت المحروسة لجمهورية، وأقر التأميم، والإصلاح الزراعي، وإلغاء الألقاب، فأحيلت أو تكهنت سلحفاة الملك فاروق، - مثلما يقال للسفن المحالة للمعاش أو التقاعد، إلى حديقة الحيوانات في الجيزة لتقبع طيلة عمرها الممتد لعشرات الأجيال، وتعد السلحفاة من جالبات الحظ والثروة، والفأل الحسن في كثير من الثقافات، كما هو الأمر عند الصينيين، ما تحسد عليه السلحفاة عمرها المديد، والذي يتمناه الكثير من البشر، ويسعون إليه منذ القدم بحثاً عن عشبة الخلود، كما فعل «جلجامش» في أساطير بلاد الرافدين، لكنه في حقيقة الأمر لو فكر الإنسان عميقاً، وأزاح عنه غشاوة «لو يعمر أحدهم ألف سنة»، فسيجد قول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى: «ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم»، هو الأمثل، فالعمر بلا أصدقاء، وبلا تواصل مع الأجيال، وبتلك الوحدة القاسية يغدو صراعاً مع الدهر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدهرية الدهرية



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates