الجزرة والعصا 1

الجزرة والعصا (1)

الجزرة والعصا (1)

 صوت الإمارات -

الجزرة والعصا 1

ناصر الظاهري

علاقة المعلم بالتلميذ، والمؤدب بالطالب، والمربي بالمتعلم، علاقة قديمة ومتشابكة، علاقة من الصعب على الطرفين أن ينسياها، قد ينسى المدرس بعضاً من طلابه، لكنه لا ينسى الطالب النجيب، ولا الطالب الهامل، والطالب بدوره لا ينسى معلمه، ولو نقش على صدره حرفاً، أو أرشده للطريق القويم، هذه العلاقة قد تشوبها شائبة، أما في البداية من جهة التلميذ الصغير، الأرعن، المتسرع، الغض، الجيّاش تجاه مدرسه الكبير، سناً وقدراً، ومكانة، أو في الكبر تبدر من المعلم تلك الغيرة المهنية أو الخلاف في طريقة التفكير، فيبزّ الطالب أستاذه، وشواهد التاريخ كثيرة، وحدثت مع كثير من العلماء، والمفكرين، والفلاسفة وحتى الفنانين في مختلف الحضارات، لكن يبقى الود والاحترام والتبجيل والتقدير للمعلم؛ لذا كان الخلفاء والملوك والأمراء يختارون لأبنائهم أجلّ المؤدبين، وينتقون أوسعهم ثقافة، وخلقاً، وسماحة، وتسامحاً، كانوا يقربونهم في مجالسهم، ويقيمون لهم احتراماً، ويوصلونهم دون أن يطلبوا، ويطلبون منهم أن يستعملوا العصا برفق، والكلمة بالتي هي أحسن، والجزرة إن كانت تجدي في المواقف، وحده المربي كان يقدّر تلك المسافة بين القسوة واللين، بين أن يُحَمّر لتلميذه العين أو يكافئه بالكلمة المعسولة.

 ذلك الحديث نعني به المعلمين والمربين الحقيقيين الذين يؤمنون بأن التعليم والتربية رسالة قدسية، لا الدخلاء أو ممن امتهنوا التعليم لأنهم بلا مهنة، ولا يعرفون الخبرة، فقد رأينا في حياتنا الصنفين، وشتان بين هذا وذاك، لكن تبقى عند المدرس العربي بالذات مشكلة، ولم يستطع تجاوزها، وهي أنه لا يواكب العصر، وبعيد عن معطياته الحديثة، تقليدي، محافظ، ولا يقبل على أصناف الحياة ومباهجها، لذا ينحصر بين السبورة والفصل صباحاً، وبين كراريس الطلبة مساء، حتى أن الطلبة الجدد يفوقون مدرسيهم في أمور الحياة وتفاصيلها ومستحدثاتها، فصار ذلك الشق أو البون بين طلاب متفتحين، ومعلمين منغلقين، فحدث سوء الفهم، وحدث الاختلاف، وسارت الأمور للمنحدر في ظل عدم وضوح إستراتيجية التعليم ومخرجاته، والتجارب العقيمة التي مررنا بها، والاجتهادات الخاطئة.

هل هناك تدهور في الأخلاق عند الجيل الجديد؟ لا نستطيع أن نجزم بذلك، إلا إذا ما حاكمناه بأخلاق عصرنا ووقتنا، اليوم بالتأكيد هم مختلفون، وتنشئتنا نحن الآباء، اختلفت عن تنشئة الأجداد، والعالم انفتح علينا، ونحن تواصلنا مع العالم، والحياة مالت إلى اللين، لذا وصية آبائنا وأجدادنا من الرعيل القديم للمعلم: «أحسبه شرى ولدك.. عندك إياه.. لا تسلمّ منه إلا العين» ما عادت تصلح لجيل الطفرة النفطية!.. وغداً نكمل..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزرة والعصا 1 الجزرة والعصا 1



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates