أزميرالدا عتمة الحجر الأخضر

أزميرالدا.. عتمة الحجر الأخضر

أزميرالدا.. عتمة الحجر الأخضر

 صوت الإمارات -

أزميرالدا عتمة الحجر الأخضر

ناصر الظاهري

كنا عائلة صحفية تتقاسم أشياءها.. وغداءها المتأخر قليلاً في المطعم الإيطالي المنزوي.. كنا نتقاطر عليه حين يكون هناك فرح أو حزن أو شيء يوجع القلم.

كانت أزميرالدا تستقبلنا بابتسامة شبه طفولية، وبضحكة غير مكتملة، وبرائحة الصابون تخترق قميص العمل الأبيض، وبشعر فيليبيني يوحي دوماً بالسواد والبلل. كانت تعرف الزاوية، وتعرف الواصلين، وتعرف عدد الكراسي، وتعرف ما يطلبون. كنا نضاحكها، وكانت هي تخبرنا عن فحوى بعض رسائلها المتجهة جنوب الشرق.

كانت بعض الزميلات يتغامزن من بهجة فحولية يبديها بعض الزملاء غير المحترمين.أزميرالدا كانت تضحك لهم ضحكتها غير المكتملة، وتخبئ أسنان الخجل، وتتحدث عن زوجها المرابط بانتظار شهريتها. الزميلات كن يغرن من وضاءة وجهها، ذاك الذي يشبه ثمرة درّاق وبري، لا يمكنك جس مساماته الرطبة دون أن تجرحه بحمرة بائنة. كنا نقضي ساعات قبل أن تغيبنا المدينة، أو ينتهي فاصل عمل أزميرالدا، تاركين لها شيئاً يمكن أن يسد خدمتها الحميمة.

مضت سنوات ثلاث بخيرها لم نحسبها، كنا نرى فيها أزميرالدا بين الحين والظهر. وفي يوم لم تكن أزميرالدا واقفة عند الباب تستقبلنا، فقلنا:إجازة أحد القديسين، ذهبت للكنيسة.. يمكن سافرت إلى زوجها المرابط، وعائلتها في القرية البعيدة.. ربما انتقلت إلى مطعم آخر، سنتبعها في المدينة.. قطع حديثنا النادل الهندي هزيل البنية، بنفضة كلامه المعتادة، أزميرالدا في المستشفى.

خجل الزملاء وأعتقدوا أنها أمراض نسائية، الزميلات أربكن النادل الهندي بأسئلتهن التفصيلية. أزميرالدا تعاني من فشل كلوي.. لم نصدق وأمتحّنا إنجليزية النادل الهندي، فهز رأسه.. فجعنا: أزميرالدا ما زالت صغيرة تحبو بكسل نحو الثلاثين.. كانت متعافية، ولا تشكو إلا من تدفق دم المرح في وجهها. كان غداؤنا ذاك اليوم مرّاً، وكان وقت مكوثنا أقصر.كانت أزميرالدا في مهجعها تصلها تحياتنا وورد أصفر، وتصلها أشياء تجبر النفس لا عن خدمتها، بل عكازتها لتصل بلدها، ولا ينكسر العمر الصغير، ولا تكبر.. عامان، وأخبار كانت في بدايتها متدفقة، سرعان ما خبت عن أزميرالدا كان ينقلها لنا النادل الهندي بنفضة كلامه المعتادة.. غابت العائلة الصحفية، وتغيرت بعض ملامح المدينة، وذهب الرفاق في مشكلاتهم الجديدة، وما عدنا نحضر لذاك المطعم الإيطالي المنزوي.

بالأمس.. سمعت أن أزميرالدا وصلت مدينتها، وأنها بصحة أقل، وبوزن أقل، وبسمرة مسحت بياضها بشكل أقل، استقبلتنا كأصدقاء، ولكن بعدد أقل، فرحنا ومزحنا، ولكن بضحكة أقل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزميرالدا عتمة الحجر الأخضر أزميرالدا عتمة الحجر الأخضر



GMT 22:31 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 22:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 22:29 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 22:28 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 22:27 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 22:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates