مزيداً من الحكماء

مزيداً من الحكماء!

مزيداً من الحكماء!

 صوت الإمارات -

مزيداً من الحكماء

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

«علمتني الحياة بأننا في زمنٍ نحتاج فيه للكثير من العمل، والقليل من الجدل. نحتاج حولنا مزيداً من الحكماء لا السفهاء. علمتني الحياة بأننا في زمنٍ. حفاظنا على مكتسباتنا هو أهم مكاسبنا. وتوحيد القلوب أحد أهم خطوط دفاعاتنا. والحفاظ على عقلانيتنا هي أفضل خطة في زمنٍ كثر فيه الغوغاء»!

عندما تختلط الأوراق، وتتشابه الجهات، وترتبك الأفكار، يأتي صوت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ،رعاه الله، ليُعيد توازن ما فقد الاتزان، نبرةٌ هادئة تٌجبِر الأصوات العالية أن تصمت وتستمع، حكمةٌ ناضجة تجعل من شذّ به الحماس أو هوى به الخمول يعود لرؤية الواقع كما هو دون رتوش أو مسكّنات، رؤية متزنة تُعيد تأطير الأمور في أحجامها الصحيحة وأولويتها الحقيقية دون أن يُقدَّم مرجوحٌ على راجح!

يقول سن تزو في كتابه فن الحرب: «الأهم أن تفوق خصمك بالفكر لا بالقوة»، وفي هذه الأزمنة أصبح صوت العقل المتزن هو المطلوب والرؤية الواقعية هي حجر الزاوية لثبات نمو أي دولة، فإنْ كانت الغارات واقتطاع حدود جغرافية لآخرين مدار عظمة الامبراطوريات في السابق، فإنّ ارتقاء مؤشرات التنافسية العالمية المختلفة هو محور تفوّق الأُمم في هذا العصر، هذا الارتقاء يحتاج لعقلٍ يزن الأمور جيداً ويستقرئ تَبِعاتِها باستفاضة، فلا مغامرات غير محسوبة نكساتهُا أكثر من مكتسباتها، ولا تقوقع مميت لا يتماشى والواقع المتغيّر على الدوام، والكبار دوماً يتعلمون من تجارب غيرهم حتى يختصروا طريق النجاح ويتفادوا ما تعثّر به سواهم، بينما أسوأ أنواع الدروس هي التي لا يتم تَعلّمها إلا عن طريق السقطات وفوق درب المواجع !

نحتاج للعمل وترك الثرثرة، نحتاج لعرق السواعد وجهد الأذهان لا الجدليات البيزنطية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، كل ثانية تمضي من عمر الوطن هي مسافة يمكن قطعها للحاق برَكْب النُخْبة، فإمّا أن نغتنمها وإمّا أن نضيّعها على أنفسنا، وفي هذا العصر الذي تتسارع فيه الأحداث يبدو لكل ثانية وزن كبير، هناك من ينام ليحلم، وهناك من يقف مشمّر الأكمام ليجعل حُلمه واقعاً!

تحتاج الأمم لكي تنهض وتتألق إلى أن تُرفَع على أكتاف الحكماء والأكفاء، أما صغار العقول فهم يسيئون أكثر مما يُحسنون، هم كذلك الدب الذي أراد طرد ذبابة حلّت على رأس صاحبه النائم فضربها بصخرة كبيرة هشّمت رأسه، تقول العرب: «مَن استكفى الكُفاة كُفي العُداة»، فمن لم يجعل حوله إلا الأكفاء لم يخشَ عدواً أو حادثة سوء، فالأمم لا تُقاس قيمتها بمنتجات الحضارة بل بنوعية مَن أخرج تلك المنتجات، فالثمار لا تخرج عبثاً أو مصادفة بل يسبقها عمل مضن من مهتمين ورعاية لتلك الشجرة المثمرة لسنين طويلة حتى موسم عطائها.

نقطة أخيرة تتعلق بالمكتسبات، والتي يرى «بو راشد» حفظه الله تعالى أنّ الحفاظ عليها هو أهم المكاسب وذلك لا يتأتى إلا بثلاثة أمور: العمل، والحكمة، وتعزيز تماسك النسيج المجتمعي، وهي الثلاثية الشهيرة (اليد، العقل، القلب)، نحتاج عملاً متواصلاً يُحدّد مساره العقل الواعي ويشد سواعد أفراده القلب الواحد، فعمل دون عقل قد تضيع بوصلته في زحمة الأحداث وتواتر تغيّر الظروف، وعملٌ متعقّل يفتقد وجود القلب الحي والضمير الإنساني والروحانية المطمئنة يجعل البشر أشبه بالروبوتات التي تفتقد ذلك «المغناطيس» الذي يجذب بعضها لبعض.

يكْثُر مَن يكتب، ولكن يندر من يؤثر في عقول الناس وأرواحهم، للميادين رجال وللحكمة فرسان، ومَن جمع الاثنتين كان من تلك الفئة النادرة التي تخلق الفارق الكبير حيثما حلّت، وما دام لكل نتيجة مؤثر، فإنّ هذا التوهّج الذي تعيشه دولتنا كان بفضل الله تعالى ثم قادة عظام أفنوا لياليهم ونهاراتهم لأجل رفعته، يحتاجون منا أن نعمل بعقل وقلب وأن نترك أعمالنا تتكلم نيابة عنا لوحدها، فهل نعي التوجيه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزيداً من الحكماء مزيداً من الحكماء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates