بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي
زفت الإمارات كوكبة جديدة من فلذات أكبادها شهداء في معارك تحرير اليمن «الحزين» من عصابات الحوثيين المدعومة والممولة مالياً ولوجستياً من تنظيم الملالي في إيران والمسنودة إعلامياً بشكل مثير للانتباه من تنظيم الحمدين وقناتهم المأجورة، عطّر الشهداء بأنفاسهم الزكية صباحات العيد وفاضت أرواحهم الطاهرة لتروي أراضي الغد القادم لأبنائهم لتنبت فيه أشجار الخير والأمن والعدالة الوارفة.
لم تبخل الإمارات على من مد يده لها طلباً للعون طيلة تاريخها، ذاك نهج زايد، عليه رحمه الله، وعلى آثاره يسير أبناؤه، فحيثما ألمّ بالعرب حادث كانت دار زايد ولا زالت أول من يقف لكشفه وإجلاء غُمّته، وكلما دارت دوائر الزمان السيئة بشقيقاتها كانت ولا زالت في مقدمة من يقوم لتضميد الجراح وتخفيف المواجع والأخذ بيدها لتقف من جديد.
كان بإمكان الإمارات وشقيقتها الكبرى السعودية أن تتجاهلا ما يحدث لدول الجوار، وأن تَحْصُرا اهتمامهما على شأنهما الداخلي البحت وأن تتعاميا عما يدور من حولهما من مكائد ومؤامرات كما فعل البعض، وأن تتجنبا «تكدير» مزاج «المخرج» الذي عبث ببلدان العرب من أجل مشروع شرق أوسطٍ جديد، لكن أصحاب المبادئ الراسخة لا يقبلون بأنصاف الحلول، وأرباب القيم والمـُثُل العليا لا يستطيعون «بلع» الخطايا أو تطويفها كما يفعل فاقدوها، فللمرونة أوقات وللحزم أوقات، وأحياناً من المرونة أن لا تكون مرناً، يقول الرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون: «عندما تتحدّث عن طريقة العيش فاسبح مع التيار، وعندما تتحدّث عن المبادئ قِفْ كالصخرة»!
نهج الإمارات وأياديها البيضاء ونموذجها التنموي المتفرّد في وسط إقليمي يحفل بالصعوبات والتوترات أصبح الوجع الأكبر الذي يقضّ مضاجع أصحاب الأجندات السوداء و«الكتاكيت» الذين يحاولون أن يقنعوا الدنيا أنهم شيء كبير، فالإمارات قدّمت نفسها بخلطةٍ خاصة تقوم على أسسِ دولةٍ مدنية تعتز بعقيدتها وإرثها وتقاليدها، وتتكيّف بما يلائمها مع متغيرات الحاضر ومتطلبات الواقع دائم التقلّب، وتضع سريعاً وبِقَناعاتها الخاصة وما يتماشى مع هويتها لَبِنات المستقبل، فأتى النتاج مثمراً زاهياً تلتهب له أكفُّ «الأنقياء» تصفيقاً وإعجاباً، وتلتهب له قلوب «الأشقياء» حقداً وغيرة، لذا لم يكن بغريب أن يستميت إعلام تنظيم الحمدين لملء الفضاء بالتلفيق واختراع الأكاذيب على بلادنا، وأن يرسل مرتزقته وأذنابه ليقذفوا الأشجار المثمرة بحجارة التلفيق فما يلبثون طويلاً إلا وتكشفها الأيام لتعود على رؤوسهم!
هذه الأيام ملأ ما يُعرَف بالذباب الإلكتروني وأصحاب المعرّفات الوهمية الذين يقتاتون على ريالات تنظيم الحمدين، فضاءات العالم الافتراضي بالسخرية من شهداء الإمارات والتندّر بالمملكة وما تتعرّض له من صواريخ الحوثيين التي تستهدف المدنيين العزّل بعد أن جبنوا من مواجهة الرجال في ميادين المعارك، يحاول أولئك المرتزقة الذين لا حياء ولا مروءة لديهم أن يصوّروا للناس أنهم يتحدثون باسم الشعب القطري الكريم، ونحن نعلم أنّ أهل قطر أشرف وأنبل من ذلك، وأنّهم ابتلوا كما ابْتُلِيَ العرب كافة بهذا التنظيم العفن ومؤامراته التي يستحي منها الأبالسة، وأن سكوتهم لم يكن إلا لعلمهم بأنّ من فقد المروءة وانقلب على والده لن يتورع من البطش بمن سواه كائناً من كان!
«سيهزم الجمع ويولون الدبر»، وستفشل كل مساعي «الحمدين» وأذنابهما من مرتزقة الأرصفة ومتسكعي شوارع الإيجوارد رود وأمثالها، وستنجلي كل الأكاذيب بعد أن يُكشَف المستور وتوضَع الأوراق التي توضّح «سواد ويه» أصحابها، وهي كثيرة للغاية، و«جزيرتهم» تعلم ذلك، وهو سبب سُعارها المحموم للشتم والقذف واختلاق المعارك الـ«فالصو»، والتي كان آخرها زج أمراضهم وأحقادهم الدفينة على مشاركة المنتخب السعودي الشقيق بكأس العالم لتشتيت الانتباه عن فضائحهم المتتالية، هي فترةٌ من الزمن وسيقف تنظيم الحمدين عارياً أمام جميع المخدوعين به، غريب كم يتعامى البعض عن الحقائق الدامغة، ألم يُسارِع هذا التنظيم بالانضمام لصف رأس الشر الكبرى «الشريفة»!
سيذكر التاريخ أن السعودية والإمارات وبقية دول التحالف العربي هي من أنقذت دول العرب من سكّين جزار الغرب الحالم بشرق أوسط جديد على مقاس إسرائيل وحلفائها بالسر الذين يدعون مخاصمتها في العلانية، وأنّه لولا الله تعالى ثم وقفة هذه الدول لأصبح العالم العربي من خليجه إلى محيطه دولاً فاشلة تعبث بها عصابات الدم وتجار الموت، دولاً فاشلة لا حاضر لها ولا أمل فيها لمستقبل كبقية الدنيا، لن تنتظر الإمارات وشقيقاتها الشكر من أحد، فأصحاب المبادئ تحركهم مبادئهم لا عبارات الإطراء، ولن تنتظر توسلاً بمساعدة فهي يدٌ بيضاء ممدودة على الدوام، تحمل الخير وتبذره، وتودّ أن الجميع مثلها شجرة سامقة مثمرة تستعصي على حجارة الفاشلين.