ستصبحون تماسيح

ستصبحون تماسيح

ستصبحون تماسيح

 صوت الإمارات -

ستصبحون تماسيح

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

تزداد لدي قناعة بشكل دائم أنّ بعض البشر كلما ازدادوا مدنية وعلماً كلما أصبحوا شُكّاكاً أكثر، وتوقّعوا أن تكون هناك مؤامرة خفية في كل حدث كبير يخرج للسطح، ويبدو أنّهم لو كانوا حاضرين في فجر البشرية لرفضوا اختراع الثياب والنعال وربما طبخ الطعام أو بناء المنازل أو تعبيد الطرق، بحجة أنها خطة لمنظمة إجرامية عالمية تهدف للسيطرة عليهم وتحويلهم لكائنات «نمطية» متماثلة يسهل السيطرة عليها!

في سنواتنا الأخيرة خرج علينا كثير من أولئك الغارقين في نظرية المؤامرة بقصص تُضحِك الثكالى، ولم تكن أكذوبة «Y2K» أو «بقة الكمبيوتر في العام 2000» أولها، ولا «كوفيد 19» آخرها، فبينهما كانت قصة نهاية العالم عام 2012 والكويكب الذي بحجم قمة «إيفرست» الذي سيضرب الأرض عام 2016 وسيأتينا الكثير من هؤلاء الحالمين بقصص غرندايزر و«Star Wars»، والمقلق أنهم أصبحوا يبثون هذه الأفكار الغريبة في فترة حرجة من تاريخ الإنسانية وهي تواجه فيه وباءً أسقط في سنة 80 مليون مريض ومليون وسبعمائة ألف ميت.

بعضهم يروّج مزاعم أنّ هذه اللقاحات ستحمل شريحة إلكترونية تُزرع سرّاً في جسم الإنسان وستتم مراقبة تحركاته من خلالها، وكأن الأخ «غوغل» لم يقم بهذه المراقبة منذ سنين عدة وباختيار ذات الأشخاص، وآخرون يدندنون بمؤامرة أخرى اسمها «إعادة الضبط الشامل» يعتبر نشر فيروس «كورونا» أحد أدواتها وذلك لتمكين بعض الزعامات العالمية من السيطرة على كل الاقتصادات المحلية في العالم وبناء نظام عالمي جديد يُعامل فيه البشر كالروبوتات، والله يسامح «هوليوود» وما فعلته بعقول الناس.

البشرية كانت تجأر ليل نهار طيلة السنة بحثاً عن لقاح للفيروس، ولما أنْ زُفّت بشارات خروج عدة لقاحات فعالة، بدأ الكثيرون يشككون فيها وفيما وراءها، الأمر الذي حدا بفرانشيسكو روكا، رئيس الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر للمطالبة بالتغلب على وباء هذه الشكوك، فوفقاً لدراسة جديدة لجامعة جونز هوبكنز في 67 بلداً، كما ذكر، فقد تراجع قبول اللقاح بشكل كبير في معظم الدول بين يوليو وأكتوبر وتراجعت نسبة القبول في اليابان من 70 إلى 50 % وفرنسا من 51 إلى 38 %.

أمّا الأمريكان، فإنّ استطلاعاً أجرته شركة إبسوس مع «إيه بي سي نيوز» أظهر أن 40 % منهم قالوا إنهم سيأخذون اللقاح فوراً، بينما قال 44 % إنهم سينتظرون «قليلاً»، ورفض 15 % فكرة أخذه تماماً، بينما بيّنت دراسة لمعهد «إيفوب» الفرنسي أنّ 55 % من الفرنسيين مؤمنون بأن وزارة الصحة متواطئة مع شركات صناعة الأدوية لإخفاء ضرر اللقاحات.

لدي عدد من الأصدقاء ذهبوا في رحلات لأمريكا الجنوبية واضطروا لأخذ ستة لقاحات قبل السفر ولم يقل أحد إنها مؤامرة، ولم يُطالب أحد بإيجاد ضمانات أنّها فعالة فعالية كاملة، فنسبة الفعالية التي حددتها منظمة الصحة العالمية هي 50 %، وحتى لقاح الانفلونزا تتراوح فعاليته بين 40 و%50،ينما تتراوح فعالية لقاحات «كورونا» من 83 إلى 95 % وهي نسبة عالية، ونحن كبشر في حاجة ماسة لها لكبح جُماح هذا الفيروس، فالتاريخ أثبت أنّ اللقاحات هي التي تسببت بوقف الأوبئة، بعد رحمة الله تعالى، كما يقول خبير علاج الأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، وإنّ تحصين نسبة تتراوح بين 60 إلى 70 % من أفراد المجتمع كاف للقضاء عليه.

اللقاحات ضرورية ولا بديل عنها وقد أثبتت فعاليتها طيلة التاريخ الإنساني، فعدوى الحصبة مثلاً كانت تقتل شخصين من كل ألف مصاب في المتوسط، وبعد استخدام اللقاح المجمّع «MMR» فإنّ هناك حالة حساسية حادة وحيدة لكل مليون شخص مُلقَّح مع مناعة من عدوى الحصبة.

كفى البعض تردداً، فالموضوع ليس رفاهية، فهناك المليارات من الفقراء الذين لن يحصلوا على ذلك اللقاح المتوفر لك إلا بعد سنة من الآن أو أكثر، وسيفقد الكثيرون منهم أحباباً لهم إنْ فتك بهم الفيروس، فقد أكد رئيس منظمة الصحة العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي، أرنو بيرنايرت أنّه من بين حوالي 12 مليار جرعة من المتوقع أن تنتجها صناعة الأدوية العام المقبل، فقد تم حجز 9 مليارات جرعة بالفعل من قبل الدول الغنية. وحسب دراسة نشرت نتائجها في مجلة «ذا بي إم جي» المتخصصة بالموضوعات الطبية، فإن واحداً من بين كل أربعة أشخاص حول العالم قد لا يتمكنون من الحصول على لقاح ضد فيروس «كورونا» حتى سنة 2022.

نحن في مرحلة مفصلية من تاريخنا ونحتاج للمنطق والبعد عن «أفكار جيمس بوند»، فكم كان محزناً تصريح الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، وهو أكثر المعارضين للقاحات، وهو يخاطب شعبه محذراً: «نحن لسنا مسؤولين عن أي آثار جانبية، إذا تحولت إلى تمساح، فهذه مشكلتك»!، يقول هذا الكلام رئيس دولة هي الثانية في عدد الوفيات بـ«كورونا» عالمياً!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستصبحون تماسيح ستصبحون تماسيح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات
 صوت الإمارات - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي

GMT 00:38 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شباب الأهلي يرغب في التعاقد مع الإكوادوري كازاريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates