إلا زايد

إلا زايد

إلا زايد

 صوت الإمارات -

إلا زايد

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

وقف أحد أشياخ بني أمية أمام أبي جعفر المنصور ثاني خلفاء بني العباس وأحد مؤسسي دولتهم العظام، فبادره بسؤال يشبه كثيراً ما يُعرف حالياً بمقابلات الرحيل Exit Interview والتي تتم مع الموظفين الراحلين عن المؤسسة، لأنهم حينها لن يُجاملوا ولن يُنمّقوا أجوبتهم وسيقولون الحقيقة عن الوضع الداخلي، إذ قال له: «كيف زالت دولتكم»، فردّ عليه الشيخ الحكيم: «أمورٌ كبيرة أوليناها للصغار، وأمورٌ صغيرة أوليناها للكبار، أبعدنا الصديق ثقة بصداقته، وقرّبنا العدو اتقاء عداوته، فلم يتحوّل العدو صديقاً، وتحوّل الصديق عدواً»!

«قليل النصيب» هو من تختلط عليه الأمور وتنقلب لديه المقاييس وتنتكس بصيرته قبل بصره، والصغيرُ في كل شيء هو الذي لا ينفك عن ارتكاب الخطايا المخجلة عندما يتسنَّم شيئاً من الأمر، و«زكاة الطايفة» هو من لا يتورّع عن اقتراف أي رذيلة من القول أو الفعل متى وجد لذلك سبيلاً.

لأنه لا يعلم ما هو الخُلُق ولا يدري ما هي المروءة، وعندما يُذيّل الصغير اسمه بعائلة حاكمة فإنّ أقواله وأفعاله تُعيده فعلاً إلى الخانة التي تليق به، فالأسماء لا ترفع وضيعاً والألقاب لا تُلمّع «غِشّاً»، وكما تقول الحكمة الصينية القديمة: «إنَّ السرجَ الذهبي لا يجعل مِن الحمارِ حصاناً»!

عائلة آل ثاني عائلة عربية عريقة كريمة لا نحمل لهم إلا التقدير والإعزاز، لكنها ابْتُلِيَتْ هذه الفترة بمنتسبين لها لم يحترموا عراقة هذه العائلة ولم يستنّوا بِسُنن رجالاتها الكرام، فحادوا عن طريق الرجال إلى سراديب الأنذال، فلم يتركوا سوءاً إلا وأتوه، ولا رذيلةَ قولٍ أو فعلٍ إلا وركبوا لها الصعب والذلول، وبعد أن كانت قطر برجال آل ثاني الكبار فعلاً وقَدْراً رِدءاً لشقيقاتها وعوناً لأهلها، أصبحت بهؤلاء الأُغيلمة خنجراً في خاصرة العرب ومحوراً لكل المؤامرات التي تُحاك على جيرانها.

ويوم أن أنفق إخوانهم في الخليج الخير الذي ساقه الله تعالى لهم من عوائد النفط للبناء والتنمية وتقريب الشُقَّة مع دول النخبة العالمية، إذا بتنظيم الحمدين يُسخّر ثروات قطر وأهلها لتمزيق مَن حولها وإطلاق آلتها الإعلامية لتقوم بأسوأ عملية تزوير وخديعة إعلامية للتلبيس والتدليس على الشعوب العربية في تاريخ العرب الطويل!

وحيث إنّ المولى سبحانه يقول: «والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ والَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا» فإنّه لم يكن مستغرباً أن يخرج من هذا التنظيم الخبيث أحدُ «نبّاحيهم» ليفجر في خصومته كعادة أسياده، ويُلقي بكل ذاك الغِلّ والمرض وسوء الطوية الذي يحمله على والدنا الشيخ زايد عليه رحمة الله وغفرانه.

فهؤلاء لا «حِشمة» لحيٍ لديهم ولا حُرمة لميّتٍ عندهم، قولهم هو أرذل القول وفِعلهم هو أنتن ما قد يأتيه بشر، وما داموا مختبئين خلف شاشة هاتف أو حاسب فهم يتطاولون لكل قمّة سامقة بساقط قولهم، أمّا فِعلهم فلن يُخرجهم من القيعان التي يتمرغون فيها!

يعلمون جيداً أن زايد رحمه الله تعالى لا يجود الزمان بمثله كثيراً، وأنّ ما قام به من منجز حضاري في فترةٍ زمنية قياسية تضعه مع نخبة القادة الأفذاذ على مدى التاريخ البشري، كان هو القائد الذي بفضل الله تعالى ثم فكره وجَلَدِه وصِدق نيّته أوجد من صحاري جرداء وقبائل متناحرة وفيافي ينعق بها الفقر والخوف واليأس دولةً زاهية الظاهر، طيّبة الباطن، عوناً للصديق، وملاذاً لمن تكالبت عليه الظروف والأيام، يعلمون جيداً أن زايد لا يتكرر.

وأنهم مهما حاولوا فلن يصلوا أخمص قدمه، البَون شاسع والمقارنة منعدمة، فلا غرابة أن يحاولوا طمس وجود الشمس بإثارة الغبار فوق رؤوسهم الخاوية وأمام أعينهم الرمداء، اسم زايد يُعيدهم لحجمهم الطبيعي، يُذكِّرهم أنهم صغار جداً، يرسّخ في نفوسهم عُقدة النقص والخيبة، تماماً كتلك المقولة الشهيرة: «الكارهون لا يكرهونك لذاتك، لكنهم يكرهونك لأنك تبدو النموذج الذي طالما حلموا أن يصلوه ولم يستطيعوا»!

لن يضير زايد الخير عليه شآبيب الرحمة تطاول صغيرٍ لا يُعرَف إذا حضر ولا يُفتَقَد إذا غاب، ولن يمسَّ مكانته العالية في قلوب العرب نُباح جبانٍ يختبئ خلف شاشة ويصفق له أضرابه من سَقَط المتاع وأراذل القوم، هم يعرضون بضاعتهم الكاسدة ويُفصِحون عن غِلّهم المكبوت، لا غرابة فيمن يحتمي بالفرس ويرتمي على أبواب الأتراك بحثاً عن مكانة لا تزيده إلا ذُلّاً.

أمّا زايد فلن يبلغوا شِسْع نعله ولو اجتهدوا ليلهم ونهارهم، فهو من يصح فيه ما قاله الإمام أحمد بن حنبل عن الشافعي: «كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خَلَف، أو منهما عِوَض»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلا زايد إلا زايد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates