«كورونا» ونحن وهم

«كورونا» ونحن وهم!

«كورونا» ونحن وهم!

 صوت الإمارات -

«كورونا» ونحن وهم

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

تتغيّر فصول السنة على الدوام، ولا نتعلم منها إلا أننا لا نرتدي ملابس الشتاء في الصيف، ولا ننسى تشغيل سخان المياه في الشتاء، هو تذكير دائمٌ لنا بأنّ الأحوال تتغيّر ولا بد معها أن نكون جاهزين للتعامل مع اختلافها، لكننا تعودنا على النمطية، لذلك نعاني كثيراً عندما يستجد أمر جديد، ونلبث زمناً ليس بالقصير في تكذيب التغيّر والتيقّن الكاذب بعودة الأمور إلى ما كانت عليه حتماً حتى يتّسع الفتق على الراقع كما تقول العرب!

منذ سنوات والعالم بأسره يضع قوائم تمثل عناصر ما يسمى بـ «جودة الحياة»، من رفاهية وجودة تعليم، واكتمال رعاية طبية، وبنية تحتية متميزة، واقتصاد مزدهر، ومرافق متكاملة وما يعززها من مشاركة وحرية تعبير وثقافة وفنون وغيرها، ولم يدر بخَلَد أحد أنّ أمراً قد يحدث يجعل هذه القائمة وما بها في مهب الريح!

أتى فيروس «كورونا» فلم تعد الرفاهية ولا الصرعات الحديثة في عالم التقنيات والأزياء ووسائل التنقل والترفيه تشكل أهميةً في سُلَّم أولويات البشر، فالأولوية أصبحت للبقاء على قيد الحياة بصحة جيدة، لم يعد أحد يأبه بالثقوب السوداء وأغوار المجرات، لم يعد أحد يهتم بنظام ديمقراطي أو شمولي، لم يعد أحد يقلق من توسع أمازون واستهداف الصين للولايات المتحدة وأطماع الروس في المياه الدافئة، لم يعد أحد يبحث عن دورات علم الطاقة والجذب والبرمجة العصبية وأضرابها، توقف التغنّي بحفلات الأوبرا والمعارض الفنية واعتبار الحياة الليلية Night Life معياراً هاماً لجودة الحياة ورقي المدن، لم يعد أحد يضع أجندة سفريات الصيف، بل ولا يفكر فيها، هناك ما هو أهم من كل ذلك: البقاء حياً!

ليس من باب السوداوية، ولكن من الواقعية والاستعداد لكل الممكن، يرى البروفيسور مايك أوستر هولم أستاذ أبحاث الأمراض المعدية بجامعة مينيسوتا أن الدول تحتاج لأن تستعد لأسوأ سيناريو فيما يخص هذا الوباء، لأن هناك موجات أخرى له، وأن 60 إلى 70% من البشر تقريباً سيصابون به، ويرى أن الوباء سيستمر لقرابة السنتين حتى تبدأ مناعة القطيع في التشكّل والنضج، أمّا اللقاحات والتي يظنها البعض ستنزل غداً في الأسواق فلن تخرج قبل عام 2021، والخوف أن تحدث مستجدات تؤخر من ظهورها أكثر، وهذه نقطة لا بد أن يعيها أولئك «المنطلقون» سراعاً إلى المجمعات التجارية دون داعٍ!

                  Volume 0%          

إعادة فتح المجمعات تدريجياً في كل العالم ليس لانحسار الوباء، ولكن لأن الحجر التام يكاد أن يقتل العالم اقتصادياً، فكان لا بد من تخفيف الاشتراطات، فالمعادلة ليست صعبة، إنْ لم تُنتج لن تبيع، وعدم البيع يعني عدم وجود أرباح، وغياب الأرباح يعني التوقف التام أو إقالات موظفين كبيرة، والتوقف والإقالات يعني عائلات دون قدرة على الحياة لانعدام مورد دخل! للملتزمين بالبقاء بالمنازل هناك نقطة مهمة تتعلق بأولوية ربما تكون مدار كل جودة الحياة حالياً ألا وهي الشعور باهتمام الآخرين وقربهم، إذ تنقل صحيفة النيويورك تايمز أنّ إدارة الخدمات والموارد الصحية الأمريكية HRSA قد نبّهت إلى أن العزلة الفردية تهدم صحة الإنسان كتدخين 14 سيجارة في اليوم، وبإمكانها أن تتسبّب في حالات اكتئاب عالية وارتفاع ضغط الدم بل قد تصل للوفاة نتيجة مرض القلب، فضلاً عن تأثيرها السيئ على جهاز المناعة الذي يحتاجه الإنسان لمواجهة العدوى! الحل يقع على كتف المجتمع، وعلى أفراده الملهمين الذين بمقدورهم ملء ذاك الصمت القاتل والباعث على الوساوس خلف الأبواب المغلقة وإشعار الجميع بأنهم قريبون من بعض وغير منسيين، فنحتاج أن يلتقي المختصون «افتراضياً» من خلف الشاشات في بث يومي بالجميع باستخدام أحد التطبيقات الذكية المنتشرة لإلقاء محاضرة، أو قراءة في كتاب، أو جلسة أدبية، أو وصفات طبخ، أو اهتمام بحديقة المنزل، أو جلسات تمارين رياضية وغيرها مما يجعل الإنسان ينشغل ويطمئن ويشعر بدفء التواصل المستمر.

تمر في بالي مناظر الإيطاليين وهم يُغنّون في شرفاتهم لرسم الابتسامة وتخفيف ألم الوحدة لسكّان الحي وتشجيعهم في هذه الظروف الصعبة، بينما يتردد هتاف سكان ووهان الصينية «Wuhan, jiayou!» والذي يعني «استمري في القتال يا ووهان»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كورونا» ونحن وهم «كورونا» ونحن وهم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates