اضغط ريتويت

اضغط ريتويت!

اضغط ريتويت!

 صوت الإمارات -

اضغط ريتويت

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

وصلتني قبل فترة رسالة مؤثرة على الهاتف، تقول باختصار: «نشتري الكثير من الشكليات باهظة الثمن، لكننا عندما نتصدّق نبحث عن أصغر ورقة نقدية في مَحافظنا، ثم عندما نرفع أيدينا بالدعاء، نطلب من الله تعالى أن يرزقنا الفردوس الأعلى. ما أعظم ما نطلب، وما أحقر ما نعطي مِن أجله»!

النتائج العظيمة لا تتحقق للحالمين، والمنجزات الكبيرة لا تشد أركانها الكلمات المنمقة والإنشائيات التي لا تنتهي، والفعل الصغير سيؤدي لا محالة إلى نتيجة هزيلة، فعلى قدر الجُهد يكون النتاج، وبحجم البذل يكون العائد، ومَن يطمح للكثير، لا بد أن يُعطي من جهده ووقته وتضحياته الكثير، هذه معادلة لا يمكن العبث بها، حتى على أكبر «فهلوي» في العالم!

يقول المؤلف ورجل الأعمال الأميركي تيم فارغو: «ما ستكون عليه في الغد، يعتمد على ما تقوم به اليوم»، فالجزاء من جنس العمل، فاليوم وقت بذرٍ وزرع، والغد هو يوم حصاد، فإن زرعتَ حنظلاً لا تنتظر منه ياسميناً، والأهم قبل ذلك ألا تنتظر حصاداً من أرضٍ لم تزرعها أصلاً!

من المتعارف عليه أنّ الرضا بالوضع الراهن، هو عدو الإنجاز الأول، فما لم تكن لديك رغبة جامحة وقناعة داخلية متأججة بضرورة تغيير الواقع الذي تراه لا يلبي طموحاتك، وإلا، فإن جميع خُطَب الدنيا التي تقولها لن تستطيع نفعك، فإن أردتَ شيئاً مختلفاً، فلا بد أن تفعل شيئاً مختلفاً، والقمم العالية طرقاتها تختلف عن مسالك السفح، حيث يكتظ الأغلبية من البشر، أمّا الطريق العظيم والمسار المختلف، فإنّه دوماً لا يكون مكتظاً بالمارة، هو مسار يحتاج لتضحيات كبيرة، وجهود متواصلة، وصبر لا ينكسر، لكن نهايته الجميلة تكون دوماً مختلفة عن سواها!

يقول المثل الأميركي القديم All hat, no cattle أي: «الكل يرتدي القبعات، ولكن لا توجد ماشية»، فالتظاهر بالشيء لا يجعله موجوداً، ومجرّد الادعاء لا يخلق شيئاً مِن عدم، فالكلمات تُظهِر ما يود هؤلاء المدّعون أن يبدوا عليه، لكن الأفعال وحدها ما يُحدّد حقيقتهم!

في ذات السياق، فإنّه عندما يضع قادة البلد، حفظهم الله تعالى «تغريدات» على منصة تويتر، موجهة للمسؤولين ومن كُلّفوا بإدارة مؤسسات الدولة، فإنهم يوصلون رسالة مفادها أنّ هناك خللاً ما لا بد أن يُعالج، أو تحسيناً ما لا بد أن يُدْخَل، أو فرصةً سانحة لا بد أن تُقتَنَص، أو ظرفاً صعباً قادماً لا بد من الاستعداد الجيد له، لتحييد آثاره أو تجنّبه، أو على الأقل تقليل أضراره قدر الإمكان.

إن وصلنا لهذه القناعة الواضحة، فإننا سنعرف أنّ الأبطال الذين يسارعون للريتويت أو يبدؤون في وضع شروحات إضافية لما يضعه القادة، قد أخطؤوا المراد، فالقادة لا يكترثون بعدد الريتويتات ولا تهمهم إطلاقاً، ذلك هَمُّ «فاشينستات الغفلة»، أمّا القادة فيريدون أن تصل الرسالة كما أرادوا، بالمعنى الذي قصدوه، وبكلماتهم هم، وبالطريقة التي وضعوها، وللفئة المستهدفة التي تُفهَم ضمناً من كلامهم، والمطلوب ليس مسارعةً لضغط زر الريتويت، ولا ملء الصفحة بعبارات التأييد، بل المطلوب أن تكون المسارعة للتنفيذ، ومراجعة الأوضاع في مؤسساتهم، والبدء فوراً بالعمل على وضع تلك التوجيهات موضع التنفيذ.

من الضروري، بالتبعية، أن يعي من يعمل بالمؤسسات، سواء في قمة الهرم أو في قاعدته، أن المنجزات العظيمة لا تأتي دفعة واحدة، فطلبات المصباح السحري لعلاء الدين لا يمكن أن تتحقّق، بل الأمور العظيمة تحدث بالتدريج، خطوة خطوة، لكنه تدرّج مستمر لا يتوقف، التوقف يعني أنك رفعت راية الاستسلام، وسيفوتك السباق، وسيهزمك مَن لم يرضوا بالتوقف أبداً، ثقةً في قدراتهم، ووفاءً لطموحاتهم، وحُباً في أوطانهم لكي تتبوأ ما تستحقه مِن مكانة عالية.

رسائل القادة تريد أن يبقى هذا «الرتم» المستمر، وألا يتوقف السعي لبلوغ الطموحات، لا يكفي أن تكون على الطريق الصحيح، بل لا بد أن تكون متحركاً لا واقفاً، وأن تتحرّك في الاتجاه السليم، بل وأن تكون سرعتك في التحرّك أعلى من البقية، هذه الرسائل هي وسيلة لإبقاء «ديمومة» واستمرارية العمل في ذهنية الجميع، وأولهم المسؤولون، وهي رسائل من المهم أن ينقلها المسؤولون لمن يعملون معهم، ممارسةً وليس كلاماً، ليكون هذا الأمر ركناً مهماً في ثقافة المؤسسات.

لا شيء عظيم يحدث دون جهد عظيم، فحتي في قاموس اللغة يأتي التعب قبل الفوز، والعمل قبل النجاح، أما الكلام وحده/‏‏ فلا يبني شيئاً مهما ملأ آذان الناس، وطبّل له البعض، اعمل كثيراً، وبصمت، ودع عملك يتحدث عنك بالنيابة، وسواء كنت مسؤولاً أم موظفاً، فإنّه من المهم أن تعرف أن المطلوب منك أن تعمل بأقصى ما تستطيع، وأن تبذر الخير في سعيك، حتى يُسعدك الحصاد عندما يأتي أوانه، المراد منك أن تضغط الواقع ليكون أجمل، لا أن تكتفي بضغط زر الريتويت!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اضغط ريتويت اضغط ريتويت



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates