بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي
يقول مثلنا الشعبي: «اللي في بطنه ريح ما يستريح»، فالناجح دوماً يشكل صداعاً مزمناً للفاشل، والكبير يُمثّل كابوساً مروّعاً للصغير لأنه يُذكِّره دوماً بحجمه الصغير، لذا دَرَج الصغار أن يرموا ببُهتانهم وتلفيقاتهم من عجزوا عن مجاراته وانعدمت لديهم كل الحيل لإيقافه، هذا ما يُفسّر أكاذيب الدولة الصغيرة وحكومتها الكرتونية وقناتها التي تسوق من التلفيق ما يستحي منه مسيلمة الكذاب نفسه!
خرجت قناة الجزيرة بتقرير «مدفوع الأجر مقدماً» متهماً دبي أنها تحوّلت لمدينة أشباح وتسابق مرتزقتها المأجورون وأتباع مرشد المقطّم لنشرها والنفخ في كير زيفها، كما قال سبحانه «إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا»، فهم أسرع الخلق لنشر أي كذبة علينا وأشد الناس في إبداء العداء حيثما كانوا، فتعالى من قال: «لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ».
في الأسطر المقبلة سأدَعُ الأرقام تتحدث نيابة عني في معرفة بلد الأشباح، فمطار دبي أزاح مطارات هيثرو وفرانكفورت من طريقه وأصبح «الرقم واحد» كأكثر المطارات ازدحاماً بواقع 88 مليون مسافر سنوياً، بالتأكيد هؤلاء كلهم أشباح وليسوا بشراً حتى لا تحترق كذبة الحكومة الكرتونية و«إحنا لسّه بنقول يا فتّاح يا كريم»!
إشغال فنادق دانة الدنيا في الربع الأول من سنة «الأشباح» وصلت لنسبة 87% حسب تقرير إيرنيست آند يونغ، ويتم افتتاح خمسة مطاعم «كل يومين» مما يدل أنّ الأشباح يملكون القوة الشرائية الكبيرة والعدد المتزايد والذوق الباحث عن المختلف على الدوام من أرقى المأكولات، وتشير الأرقام أنّ مطاعم دبي زادت عن 17 ألف مطعم، بمعنى لو أنك أكلت في مطعم مختلف كل يوم فستعود للمطعم الأول بعد 46 سنة!!!
رقم مثير آخر هو أنّه أكثر من ستة ملايين زائر أتوا من 95 دولة لزيارة قريتها العالمية فقط. دعونا نتوقّف لأن المقارنة ستكون مؤلمة ونكتفي بمقارنة أخرى أكثر منطقية من ناحية الحجم بين دولة تدّعي أنها كبيرة وبين مركز تجاري من ضمن عشرات المراكز في مدينة الأشباح، فـ «دبي مول» يزوره «يومياً» ما متوسطه 233 ألف متسوّق بينما كان من زار قطر «طيلة السنة» 535 ألف شخص بما فيهم «معازيبهم» من جنود إسطنبول والحرس الثوري الإيراني، نعم عزيزي القارئ فإن زوّار دبي مول لثلاثة أيام فقط أكثر من زوار قطر «بأكملها» لعدد 365 يوماً!
موانئ دبي من جهةٍ أُخرى تعاملت مع 17.6 مليون حاوية «للأشباح طبعاً» في الربع الأول من هذه السنة، أي في 3 شهور فقط، بينما موانئ قطر تعاملت في ستة شهور «أي ضعف المدة» مع 645 ألف حاوية، بحسبة توضيحية بسيطة فهذا يعني أن موانئ قطر تحتاج لـ14 سنة حتى تستطيع معادلة رقم موانئ دبي لثلاثة أشهر فقط!
في مسارٍ موازٍ آخر فقد تم تسجيل 1700 رخصة تجارية جديدة بدبي في شهر مايو الماضي لوحده بينما «كل» الشركات في قطر تبلغ 1040، وعندما بلغت التجارة غير النفطية للعام المنصرم في دبي تريليون و300 مليار درهم كانت دولة الحكومة الكرتونية «تتناطر عيونها» وهي بالكاد تصل لما قيمته 18 مليار ريال لا غير، ومن جديد وللتوضيح وليعرفوا حجمهم الحقيقي فإنّ قطر تحتاج إلى ما مدته 72 سنة كاملة لمعادلة رقم دبي للعام الماضي فقط!
مدينة الأشباح أيضاً أتت في المركز السادس «عالميا» كأفضل المدن التي يحلم الناس بالعيش والعمل بها حسب مؤسسة Boston Consulting Group الشهيرة، لم يتأتى ذلك بناطحات سحاب فقط وشوارع فسيحة ومرافق مميزة، ولكن لحسن النوايا وعلو الهمة والتماس الخير للآخرين هو ما ميّز دبي والإمارات، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «لقد نشأنا على حب الخير، وعلى عمل المعروف ولا نبغي بهذه الأعمال مفاخرة أو تباهياً بين الناس، يكفينا رضا الخالق ودعاء المخلوقين، فالإمارات ليست مركزاً مالياً أو اقتصادياً فقط، وليست محطة سياحية بين الشرق والغرب، بل نحن مركز إنساني مهم على الساحة العالمية»، هذا ما يصعب فهمه على صغار الدولة الصغيرة!
يروى عن سيدنا علي بن أبي طالب قوله: «عليك بنفسٍ جاعت بعد شبع فإنّ الخير فيها أصيل، وايّاك ونفسٍ شبعت بعد جوع فإنّ الخير فيها دخيل»، فحكومة تنظيم الحمدين تظن أنّ بإمكانها شراء أي شيء وكل أحد، فـ «اللي مب شايف خير» تختلط عليه الأمور عندما يضع يديه على ثروة وطن، فيبدأ في محاولة إيذاء من «حرقوا» قلبه طويلاً لكثرة نجاحاتهم وحجمه الضئيل أمامهم ولطول ما «تخمّر» كيانه على هامش الدنيا، كنّا نقول «الشيفة معثورة» فطلعت المعاني «أعثر» كما قال الشاعر:
قَبُحَتْ مَناظرهم فحين خَبَرتهم حَسُنَتْ مناظرهم لِقُبْحِ المخْبَرِ