ميساء راشد غدير
لسنا في دولة تهضم حقوق الطفل أو لا تكترث بها، ولسنا في دولة تسمح بإهمال سلامة الأفراد مهما اختلفت جنسياتهم وتفاوتت أعمارهم، والدليل على ذلك حزمة القوانين والتشريعات المعمول بها في الإمارات والتي تجرم أي فعل يسيء للفرد أو يمس أمنه وسلامته لاسيما الطفل..
لكن بعض المؤسسات والأفراد على ما يبدو اعتادوا الإهمال، ولم تؤثر فيهم أحكام شديدة صدرت بحق غيرهم ممن تسببوا في وفاة أطفال أو مسوا سلامتهم وأمنهم، والدليل على ما نقوله استمرار مسلسل إهمال الأطفال في الحافلات المدرسية من قبل السائقين والمشرفات.
من يومين أنقذت شرطة عجمان طالبة تبلغ من العمر ستة أعوام، بعد أن تركها السائق والمشرفة في الحافلة المدرسية التي تنقلها من المنزل إلى المدرسة صباحاً. وأوضح مدير إدارة مراكز الشرطة الشاملة في شرطة عجمان أن أحد المارة أبلغ الشرطة عن وجود طفلة داخل باص متوقف في المنطقة الصناعية الساعة العاشرة صباحاً وقد وجدت في حالة خوف وهلع بعد أن فقدت كل سبل تخليص نفسها من الوضع الذي كانت فيه.
في الأمس القريب تلقينا خبر وفاة طالبة في إحدى الحافلات، وطبقت عقوبات شديدة على المدرسة والمتسببين في الحادثة وكنا نتوقع أن إهمالاً آخر لن يتكرر، إلا أن الواقع يشير إلى تكرار ذلك في حافلات ومواقع أخرى بسبب إهمال سائقين ومشرفين وإداريين وسوء تنسيق ومتابعة جعلتهم يتركون طفلة في هذا العمر نائمة على المقاعد، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التدقيق على الحافلة ومقاعدها والتأكد من خلوها..
ولولا لطف الله وعنايته ومرور أحد العامة لتشابه مصير الطفلة المنقذة مع تلك التي توفيت منذ فترة وجيزة، وقتها لن تنفع العقوبات ولا حتى إغلاق المدرسة بأكملها، لأن الأهالي سيفجعون وستكون الثقة في الحافلات المدرسية صفراً، والأكثر من ذلك ستكون الجهات التنفيذية في حالة بحث وتقصٍ عن الأسباب التي تجعل أمثال هؤلاء الموظفين سائقين، إداريين ومشرفات لا يمتثلون للقوانين ولا يردعهم الجزاء.
للمدارس دور كبير ومهم في موضوع نقل الطلبة من المنازل إلى المدارس والعكس، وتتقاضى مقابل ذلك رسوماً، ويفترض بها أن تحافظ بكل الأدوات والأسباب المتاحة على سلامة الطلاب والطالبات، ملزمة مشرفات نقل الطلبة والسائقين بالتأكد من خلو الحافلات تماماً دون أن ترجع الأسباب عند وقوع أي حادثة إلى القضاء والقدر الذي لا ننكره، ولكن لا يجب تجاهل أسباب الإنسان فيه.