ميساء راشد غدير
إحدى الطبيبات الإماراتيات فاجأتني، بل أسعدتني باختيار تخصص الطوارئ لإكمال دراستها بعد ممارسة الطب العام، فكثيراً ما كنت أتساءل عن أسباب غياب المواطنين عن العمل كمسعفين وفنيي طب طوارئ بالعدد الكافي، إذ إن غالب من نتعامل معهم في سيارات الإسعاف أو مراكز الطوارئ، هم من العرب أو الأجانب، وغالباً الآسيويين.
نادراً ما نقابل مواطنين متخصصين في هذا المجال، رغم أهميته وتنامي الحاجة إليه، وسط الزيادة السكانية وزيادة الحوادث، والإحصاءات التي تكشف زيادة أعداد المرضى الذين يتم استقبالهم في مراكز الطوارئ.
سوق العمل في الإمارات، بالإحصاءات الحالية، التي تضم نسبة متدنية من المواطنين العاملين في مراكز الطوارئ والإسعاف، ما يؤشر إلى الحاجة لكوادر وطنية مؤهلة للعمل في مجال الطب الطارئ وخدمات الإسعاف، وذلك عبر التأهيل الأكاديمي المدروس، والمبني على أسس علمية، الأمر الذي لن يتحقق إلا من خلال التنسيق مع المؤسسات التعليمية، ومن قبل المؤسسات الصحية في الدولة، التي يفترض أن تستقطب هذه الكوادر، وتستثمر فيها لكي تضمن وجود هذه الكوادر في مؤسساتنا الوطنية.
قد يعزف كثير من المواطنين عن العمل في هذه المهنة لعدة أسباب، أهمها، طبيعتها الشاقة، لكونها تعتمد على الإنقاذ وإسعاف المصابين، إلى جانب العمل بنظام المناوبات، وكذلك إتقان اللغة الإنجليزية، والأهم، القدرة على تحمل الصدمات والمناظر المؤلمة للحوادث، وما ينتج عنها من إصابات.
مهما كانت الأسباب السابقة صعبة، إلا أنها لا يمكن أن تقف حائلاً دون انضمام المواطنين لصفوف المسعفين وفنيي الطوارئ، فالكفاءات الوطنية نجحت في وظائف أصعب من هذه الوظيفة، واحتملوا مشاقها التي تفوق هذه المشاق، ما يعني قدرتهم على العمل فيها، بل وتلبية احتياج هذا القطاع الحيوي والمهم.
قد يعتقد بعضهم أن هذه الوظيفة ليست بذات الأهمية، وأن من يعملون فيها حالياً يقومون بالمطلوب، ولكن الحقيقة هي أن العمل في الإسعاف ومراكز الطوارئ أمر هام، ويفترض أن يكون جزءاً من استراتيجية أي دولة لمواجهة الأزمات، ما يؤكد الحاجة لتوطين هذه المهنة، والتركيز عليها، ليس في حال الرخاء فحسب، بل في أوقات الشدة، التي قد لا نجد من نعتمد فيها عليهم إلا المواطنين.