ميساء راشد غدير
مصر هبة النيل، هكذا عرّفها المؤرخ اليوناني هيريدوت في 15 قبل الميلاد، وتختزل قروناً طويلة من الحضارة بسواعد وعقول المصريين، كما مصر العروبة كانت موئلاً لكل العرب وبيتاً لفنونهم وآدابهم، وجامعاتها ومدارسها كانت حاضناً أمينا للنخب العربية التي وجدت فيها السند والمأوى حينما كانت دول كثيرة تعيش تحت المستعمر، وسرّ مصر الكامن في نيلها تلخصه قاهرتها المحروسة التي أصبحت عاصمة منذ منتصف القرن السابع الميلادي.
القاهرة التي تعد من أبرز العواصم الأفريقية ومركز الثقل السياسي والاجتماعي والثقافي للشعوب العربية ومعبر الحضارات، كانت المركز العلمي والمعرفي لأغلب النخب الخليجية المؤسسة للدولة الحديثة، ففي جامعاتها تلقوا العلم والمعرفة ومنها انطلقوا منذ الخمسينيات إلى مرحلة البناء والتشييد في البلدان الخليجية ، زرعت مصر فحصدت ليأتي اليوم الذي يعيد فيه قادة من الخليج الجميل لمصر وقاهرتها، ولتكون دولة الإمارات العربية المتحدة وكعادتها المبادرة والرائدة في توقيع اتفاقيات لمشروعات عملاقة من بينها المساهمة في إنشاء عاصمة إدارية جديدة لجهمورية مصر.
مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر الذي أعلن انطلاقه الرئيس عبدالفتاح السيسي بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، يتجاوز مفاهيم المشاريع العادية إلى المشاريع التي تسجل في تاريخ الدولتين، مصر والإمارات، إذ لم يتخيل أحدنا أن تتحول الإدارة الرسمية في مصر إلى عاصمة غير القاهرة.
المدينة الإدارية الجديدة في مصر ستستوعب نحو 7 ملايين نسمة، وستكون مقراً للوزارات والهيئات الرسمية والسفارات بمصر والشركات، وستضم منتجعات ومراكز وأحياء وستوفر فرص عمل للمصريين. وستسهم المدينة في تغيير خارطة مصر الجغرافية،والجديد أنها برؤية مستقبلية وتجارب إدارية تسهم في تفريغ القاهرة من التكدس والازدحام، وهذا ما عبّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عندما قال إن الإمارات آمنت بمصر وتقدم الدعم لها حباً في شعبها وواجباً نؤديه تجاه أهلها.