ميساء راشد غدير
من المؤسف أن نسمع كل يوم عن مشاجرات بين الشباب تقع هنا وهناك، تصل إلى حد القتل والإيذاء الجسدي، ومن المؤسف أكثر، أن هؤلاء الشباب الذين نتحدث عنهم، أصبحوا يستخدمون السلاح الأبيض بأنواعه، ويعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر، دون أن يضعوا اعتباراً للقوانين أو العقوبات التي تنتظرهم.
وعندما نقول إنهم لا يضعون للقوانين اعتباراً، فنحن لا نبالغ أبداً، فلو كانوا يضعون اعتباراً لها لما تجرؤوا على تحويل المشاجرات إلى قضايا عنف وقتل، ولما ضربوا بعرض الأعراف الاجتماعية والمرتكزات عرض الحائط، ولما أصبحوا من أصحاب السوابق وهم في مقتبل أعمارهم، في دولة أعدت وهيأت كل الإمكانات ليكون شعبها الأسعد والأكثر رفاهاً.
باتت الحاجة ملحة اليوم للوقوف عند هذه الظاهرة لمعرفة أسبابها أولاً، ولمراجعة العقوبات ثانياً.
فالشرطة ورجال الأمن ينتهي دورهم في القبض على المتشاجرين وتصنيف القضايا، ولكن هناك عناصر أخرى لا بد من محاسبتها، كالأهل، مثلاً، الذين لا نعلم كيف غفلوا عن تربية وتوجيه أبنائهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من العنف والجرأة في التعدي والقتل، وجهات أخرى سهلت بيع ووجود السلاح بأيدي شباب تركونا مصدومين في قضايا جنائية لم يعهدها المجتمع الإماراتي.
فلو كانت الأسرة تقوم بدورها، مراقبة لسلوكيات أبنائها وما بحوزتهم، ولو ضبطت إيقاع الحركة في البيت، من حيث توقيت دخول الأبناء وخروجهم.
وأصبحت على علم ودراية برفقائهم وخلفياتهم، لاستطعنا السيطرة على جزء كبير من المشكلة، لكن دور الأسرة مغيب في هذه القضية تماماً، والدليل وجود هذه النماذج التي لم تظهر بعنفها فجأة دون مقدمات وأسباب، أهمها الإهمال الأسري!
وبالنسبة للعقوبات، فلا بد من مراجعتها، لنرى مدى جدواها في الحد من الجريمة، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، فكم من الشباب الذين تم ضبطهم، وتم توقيع ذويهم على تعهد بمراقبة سلوكيات أبنائهم، ومع ذلك لم يُجدِ الأمر نفعاً.
ووقعت جرائم بتلك الأسلحة، وكم من الشباب الذين تم حبسهم وعاودوا أفعالهم بعد الخروج من السجن، بدليل جريمة الورقاء الأخيرة، التي كان أحد المتورطين فيها محكوماً في جريمة قتل سابقة، ما يعني أن العقوبات لم تكن رادعة بدرجة كافية.
مجتمع الإمارات ليس مثالياً، ولا ينكر على شبابه أن يتشاجروا أو يختلفوا، فهذه طبيعة البشر، ولكن أن تصل المشاجرات إلى حد العنف والقتل، فذلك أمر ينبغي رفضه، عبر إجراءات تضع حداً لهذه التجاوزات!