ميساء راشد غدير
لا نبالغ إن قلنا إن الإمارات فريدة ومختلفة حتى في تقديم واجب العزاء، ولكنها الحقيقة التي شاهدناها بأعيننا خلال ثلاثة أيام أعلنت حداداً على 45 شهيداً، فالمعزون توافدوا على أهالي الشهداء من كل منطقة، وأصبحت منازلهم معروفة للقاصي والداني، وتخلى الجيران والأصدقاء عن كل ما يمت للفرح بصلة من أعراس وحفلات، مواساة وتعبيراً لأهالي الشهداء عن مشاركتهم جل المصاب.
لم تكن تلك المواقف من الأهل والجيران والأصحاب والعامة مذهلة فحسب، بل إن تنقلات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهما أصحاب السمو الحكام وسمو أولياء العهود وأبنائهم الشيوخ والوزراء من منزل شهيد لآخر، ومواساتهم أفراد الأسرة فرداً فرداً، كانت تلك المواقف مذهلة وملفتة لعالم تأمل هذا المشهد وأدرك أن شعب الإمارات في المصاب أكثر وحدة وتلاحماً، إذ لم تعهد الشعوب رئيس حكومة أو نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة في بلده ينتقل معزياً لشهداء الحرب فرداً فرداً، ففي الغالب يوكلون من يقوم بواجب الزيارة أو يكتفي بحضور عزاء جماعي لتقديم واجب العزاء لأهالي الشهداء، لكن منهج الإمارات وسياسة البيت المتوحد أوجدت مشهداً مختلفاً لمفهوم العزاء، وأكدت حقيقة قيادات حملها إقدامها ودفعتها قلوبها الأكثر إنسانية للوقوف بجانب من قدموا الأغلى لديهم للوطن. قيادات مسؤولياتها جسيمة عقولها مشغولة بحماية أرض ووطن.
المشهد يقدم دروساً للعالم الذي يفتقد في أجزاء كبيرة منه هذا النموذج الوحدوي الذي يجعل كل من ينتمي إلى هذه الأرض مطمئناً بأنه مهما تعاظمت خسائره، ومهما بلغ به الحزن فإن حوله وطن بأكمله مساندين ومعاضدين.
إن وطناً كالإمارات يفخر بإنجازات أبنائه ويبرهن عليها بمواقفه، أحق أن نضعه في أعيننا. فصبراً أهل الشهداء. ودمتم عزاً وسنداً يا أبناء زايد فقد أتعبتم الحكام من بعدكم.