ميساء راشد غدير
من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان أننا كشعوب في دول عربية نعاني أزمة القراءة، وهي أزمة ليست بجديدة، بل متجددة باختلاف وتعاقب الأجيال. وهذه الأزمة باتساع دائرتها سبب رئيس في تراجع النمو المعرفي والثقافي الذي لا يمكن للتعليم أن يسد فجوته.
أزمة القراءة العربية ازدادت بعد الثورة التكنولوجية التي استقطبت الجميع دون استثناء، وجعلت الأفراد أكثر ميلاً للبرامج السريعة والترفيهية، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي، بعيداً عن القراءة الهادفة وأنشطتها، وحتى لا نظلم التكنولوجيا، فهي الأخرى قد وفرت كتباً ومراجع ودوريات لتقرأ عبر الأجهزة الذكية، إلا أن الإقبال عليها محدود، باعتبار القراءة كنشاط من أقل الأنشطة والممارسات التي يحرص عليها العرب.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أعلن عن مشروع تحدي القراءة العربي، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، عبر التزام أكثر من مليون طالب بقراءة 50 مليون كتاب خلال عامهم الدراسي.
المشروع له أهميته، وجاء في وقت أهمّ لإنعاش القراءة التي نسجل في مجالاتها أرقاماً متدنية، خاصة في المراحل العمرية المبكرة، إذ أصبحنا كآباء وأمهات، أمام جيل لا يقرأ إلا ما يُفرض عليه في المناهج الدراسية، وهو الأمر الذي يمثل تحدياً كبيراً وخطراً.
إذا كنا محظوظين اليوم بانطلاق هذا المشروع من أرض الإمارات، فإن ما نتمناه فعلاً هو تضافر الجهود الحكومية والخاصة لتعزيز القراءة وتشجيع الأبناء عليها، بإتاحة أكبر قدر من الكتب في المكتبات العامة والخاصة بأسعار ومحتوى تتناسب واهتماماتهم، لا سيما الإصدارات باللغة العربية التي تأخذ أصغر مساحة في أي مكتبة نزورها، فالتركيز على نوعية ولغة الكتب يحقق هدفين من خلال مشروع واحد، فالقراءة باللغة العربية هي تحدٍّ آخر لا يستهان به، بعد أن أصبحت اللغة الإنجليزية هي الغالبة في استخدام الأبناء.