ميساء راشد غدير
أيهما أجدى، ومن الذي سيبقى؟ الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد، المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي؟ سؤال يطرح باستمرار في المؤتمرات والندوات، وهو محل جدل بين مثيري هذه القضية.
بعضهم يرى أن الإعلام التقليدي، المتمثل في الصحف والتلفاز والإذاعة قد قارب على الاحتضار، في الوقت الذي نشطت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت أسرع وأكثر مواءمة في اختصاراتها وتقنياتها لنقل الجديد.
ولأننا من الذين ينتمون للإعلام التقليدي ومن مؤيديه بقوة، إلا أننا في الوقت نفسه لا يمكننا بأي حال من الأحوال تجاهل الإعلام الجديد أو وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت معينة ومطورة للإعلام التقليدي وناقلة لأجزاء كبيرة منه.
بما أتاحته من تقنيات ووسائل ساعدت على نشر محتوى الإعلام التقليدي والتفاعل معه بصورة لم تكن معهودة في السابق، فوسائل التواصل الاجتماعي لها أهميتها ودورها اليوم في نقل الصورة والمعلومة، وفي تحقيق التفاعل، وأصبحت اليوم سلطة مؤثرة في الصغار والمراهقين قبل الكبار والبالغين، وهو الأمر الذي لا بد من التوقف عنده عند الحديث عن إيجابيات هذه الوسائل وسلبياتها وكيفية الحد منها.
في قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب، في اليوم الأول، تحدث الدكتور علي جابر مدير مجموعة «إم بي سي» وعميد كلية محمد بن راشد للإعلام في قمة رواد التواصل الاجتماعي عن هذه القضية الجدلية، وأكد على أن الإعلام الجديد يستمد قوته من الإعلام التقليدي الذي سيبقى محافظاً على مكانته خلال السنوات المقبلة، ويمثل إعلاماً حقيقياً وقدوة لوسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي.
وقد وضح في جلسته التي حضرها عشرات الشباب الفرق بين الإعلام التقليدي المعني بالبحث والتفتيش والتحقق من دقة المعلومات وصحتها قبل نشرها، وهي عملية أصبحت يفتقر إليها بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين اختصروا ذلك كله في عمليات تواصل أو دردشة فحسب.
ما ذكره جابر لا يبتعد عن الواقع والحقيقة، فالإعلام التقليدي يستخدم الإعلام الجديد، ولكنه الآخر يعتمد على الأول بدرجة كبيرة، ويبني عليه، باستثناء الحسابات الشخصية التي بذل بعض الأفراد عليها جهداً ليتميزوا في مضمونها وما تقدمه، أو لينقلوا يومياتهم وأفكارهم بعيداً عن الاهتمام بالإعلام وقضاياه.
ولو لم يكن للإعلام التقليدي أهميته، لما وجدنا ملايين المقاطع تحول إلى قنوات اليوتيوب، ولما رأينا وكالات الأنباء تبث أخبارها على التويتر، ولما وجدنا قادة يتخاطبون مع الشعوب بتغريدات لا يتجاوز عدد أحرفها المئة وأربعين حرفاً، لتصل رسالتهم لأكبر عدد من الأفراد، وبصورة أسرع من الإعلام التقليدي، الذي قد لا تتابعه جميع الفئات.
ما يهمنا في قضية الجدل الدائم بين الإعلام التقليدي والجديد، أن توجد لدينا في شبكات التواصل الاجتماعي أكبر شريحة من المستخدمين الهادفين القادرين على التوظيف الإيجابي لهذه الوسائل، والمستفيدين بشكل متكامل من قدراتهم وخبراتهم لخدمة الأفراد ومجتمعاتهم والعالم ومواجهة أي تحديات، وتلك مسؤولية شخصية، ومسؤولية أولياء أمور، ومؤسسات، لا بد من التعاون جميعاً للتأكد من أننا نحقق هذا الهدف.