ميساء راشد غدير
على الرغم من كم المعلومات التي توفرها وسائل التقنية، وعلى الرغم من حملات التوعية التي تقوم بها الجهات أو المؤسسات المعنية، ومن نشر أخبار الوفيات والقصص التي لا يمكن لأحدنا تجاوزها دون التأثر بها، خاصة عندما يتعلق الأمر بوفاة او إصابات بليغة لشباب في مقتبل أعمارهم، إلا اننا نستغرب استمرار الشباب في تعاطي المخدرات وخاصة الهيروين وتورطهم في قضاياه التي تنهي سنوات اعمارهم في سجن وفقدان اسرهم ووظائفهم واستقرارهم، فوق أنها تؤدي بهم الى الموت سريعاً نتيجة جرعات زائدة.
في السبعينات والثمانيات عندما كان الشباب يتعاطون كان العذر لغالبيتهم الجهل بالشيء لاسيما وان الأمر جديد على مجتمع الخليج ولم تكن لدى أبنائه الثقافة بهذه المواد او الحملات التوعوية ضدها، ولكن مع تقدم السنين وتورط نسبة كبيرة من الشباب في هذه الآفة التي قضت عليهم اصبحنا نشاهد كيف تبذل المؤسسات الأمنية والمجتمعية جهوداً كبيرة للحد من إدخال المخدرات او تعاطيها، او الاتجار بها، أو انتشارها بين صفوف الشباب، وقد سعت من خلال التنسيق مع المؤسسات التشريعية الى تغليظ العقوبات على كل من يتاجر بهذه المواد التي اتلفت العقول والأجساد، ومع كل ما سبق الا اننا مازلنا نفاجأ بأخبار متفرقة عن سجن شباب متعاطين، وتأهيل اخرين غيرهم ووفاة عدد منهم بجرعات زائدة.
إن الحديث عن المخدرات والوفيات بسبب جرعات زائدة بها حدث قديم متجدد ولكن الحديث فيه مجدداً يبقى مهماً، فالشباب اليوم لا ينقصهم الوعي الذي يؤكد لهم خطورة ما يقدمون عليه، والإمارات لا تألو جهداً في حملات التوعية أو في صد كل من يحاول إدخال هذه المواد الى الدولة، مما يعني وجود خلل ما يدفع هؤلاء الشباب إلى التعاطي والإضرار بأنفسهم رغم علمهم ويقينهم بأن مصيرهم أحد أمرين لا ثالث لهما، إما السجن أو الموت. تطبيق العقوبات أو إعادة تأهيل المدمنين أمر ليس كافياً إذ لابد من وضع أيدينا على مواطن الخلل وأسباب المشكلة التي تدفع بالشباب لتجاهل تحذيرات كل مؤسسات ووسائل الإعلام من عواقب الإدمان، وتجعلهم يضحّون بمالهم وصحتهم وحياتهم في قضية يدركون أنهم الخاسر الأكبر فيها.