ميساء راشد غدير
من المهم قيام الدوائر والمؤسسات برصد الاحتياجات المستقبلية لأية إمارة من إمارات الدولة، في القطاعات الخدمية التي لا غنى عنها، خاصة إن كنا نتحدث عن قطاع الصحة، وهو الأمر الذي قامت به هيئة الصحة في إمارة دبي حين أعلنت الخميس الماضي عن حاجة دبي إلى 3917 سريراً و7323 طبيباً و8510 ممرضين حتى عام 2020، بناء على دراسة قامت بها الهيئة شملت جميع المرافق الصحية التابعة لهيئة الصحة في دبي، وسلطة مدينة دبي الطبية، ووزارة الصحة، والقطاع الصحي الخاص، والمناطق الحرة في الإمارة.
كلنا يعلم حجم التجمعات السكنية الجديدة في إمارة دبي، والتي تفتقر لمستشفيات وعيادات قادرة على تقديم الخدمات لسكان تلك المناطق والأحياء الجديدة، وكلنا يعلم أن المناطق القديمة أصبحت متشبعة تقريباً بالمستشفيات والعيادات، ما يعني الحاجة إلى الاستثمار الصحي الحكومي والخاص في المناطق الجديدة، لمختلف الفئات وفي جميع التخصصات، لا سيما خدمات الطوارئ والعناية المركزة.
الاستثمار في القطاع الصحي وإيجاد المزيد من العيادات والمستشفيات، بات أمراً ضرورياً ويلزم عدم الاعتماد فيه على القطاع الحكومي فحسب، وبات يستلزم خلق كوادر من الأطباء والممرضين الأكفاء، وخلق كليات ومؤسسات قادرة على تأهيل هذه الكوادر لشغل المشاريع الطبية والعمل فيها، سواء من أبناء الوطن أو من الوافدين الذين سيتم استقطابهم من الخارج.
لدينا اليوم في الإمارات كليات طب وعلوم صحية أسهمت في رفد القطاع الصحي باحتياجاته، ولكن ما زلنا نشعر بأن المؤسسات التعليمية بحاجة لأن تبذل من الجهود الكثير لترغيب الخريجين للالتحاق بهذه المهنة، وبحاجة أكبر للتنسيق مع المؤسسات الصحية لتقديم أكبر عدد من الحوافز المشجعة لأبناء الوطن، للعمل في هذا القطاع وتحمل مشاق المهنة دون الاعتماد بشكل كامل على الوافدين والأجانب، خاصة في بعض التخصصات التي لا بد وأن يأخذ فيها المواطنون مواقع القيادة لتأهيل الصفوف التي تأتي بعدهم.
أما الأمر الآخر فهو موضوع التمريض والحاجة إلى دعم هذه المهنة معنوياً ومادياً، أسوة بدول الخليج الأخرى التي سبقت الإمارات في إقناع أبنائها وبناتها للعمل فيها، من خلال ما تقدمه لهم من بيئات عمل محفزة ورواتب مجزية جعلت توطين هذه المهنة أمراً ممكناً ورائعاً، في الوقت الذي نجد فيه المواطنين يحجمون عن العمل في هذه المهنة الإنسانية التي نحتاج لأن نرى فيها أبناء الوطن من الجنسين، والذين قد يكون عزوفهم بسبب نظام المناوبات غير المرن والرواتب المتدنية.
خمس سنوات فترة ليست طويلة، لكن الاحتياج المرصود لها كبير من الأسرة والأطباء والممرضين، ويلزم تلبية هذه الاحتياجات وفق خطط مدروسة ومتابعة حثيثة من المؤسسات التعليمية والتدريبية والقطاع المعني، فنحن نتحدث عن صحة وخدمات صحية، وتوسع عمراني لا يمكن أن يبقى دون خدمات صحية ضرورية ولازمة، حكومية كانت أو خاصة.