ميساء راشد غدير
عندما وصّت وحذرت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك من مخاطر التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي فإن تحذيراتها كانت في محلها وجاءت في وقتها.
بالأمس أعلن المكتب الإعلامي لخدمة الأمين في شرطة دبي عن تعرض فتاة في مقتبل العمر للاعتداء من قبل شاب عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، أعطته ثقتها وأطلعته على تفاصيل حياتها، وأبدت عن حاجتها المادية فاستغل هذه الحاجة المادية حتى أوقع بها واعتدى عليها، فراحت ضحية إهمال وجهل وثقة ما كان لها أن تمنح لأيٍّ كان.
الفتاة تعاني من ضيق مادي وحاجة ماسة إلى نقود، فجلست تتحدث مع هذا الشاب عبر موقع التواصل عن همومها، معتقدة أنه الشخص الأمثل للتعبير عن همومها، ولو أنها وجدت أسرتها الأقرب لها قد احتوت مشكلتها لما لجأت لغريب، ولو أن بيوتنا استمرت في التواصل الحقيقي مع الأبناء لما كانت وسائل التواصل الأقرب للأبناء والمتنفس الذي يلجأ الواحد منهم إليه.
ولو أن هذه الفتاة وغيرها كانت مستوعبة ومدركة مخاطر الثقة في الغرباء لما وقعت ضحية لهذا الغريب وغيره، ولو أن هناك متابعة ورقابة كافية من الأهل لكانت هذه الفتاة وغيرها في مأمن من هذا الوحش وغيره، ولو أن هذا الشاب وغيره قد أحسنت تربيتهم لما استغل حاجة هذه الفتاه باستدراجها والاعتداء عليها.
للأسف أصبحت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مساحة لوقوع الأبناء ضحايا للذئاب البشرية والجماعات الإرهابية وجماعات أخرى لا تتأخر في استدراج الشباب من الجنسين وسط غفلة الأهل وبعيداً عن رقابتهم.
ليس الحل في منع المحادثات المرئية أو حجبها من قبل الشركات المشغلة للاتصالات في الدولة، وليس الحل في منع الأبناء من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن الحل يكمن في التربية الصحيحة والرقابة والقرب من الأبناء والتقرب إليهم، وفي تحصين الأبناء وتوعيتهم من مخاطر هذه الشبكات ومن مخاطر التعرف على الغرباء والثقة بهم، حتى لا يقعوا ضحايا للابتزاز والتهديد وخسارتهم، فالحذر الحذر من شبكات يفترض أنها للتواصل، إلا أنها في كثير من الأحيان قطعت كل أواصر التواصل والثقة والأمان.