ميساء راشد غدير
نتمنى أن لا يكون اليوم العالمي للغة العربية مناسبة نتذكر فيها اللغة يوماً في العام وننساها باقي الأيام، فمن المؤسف حقيقة أن اللغة العربية التي هي هويتنا أصبحت غريبة بين اللغات التي يتداولها الناس، والمشكلة هي أننا كعرب شجعنا على هجر اللغة العربية ودفعنا إلى ذلك دفعاً دون اعتراض أو حتى استنكار، ودون أن نتبنى لغتنا ونحافظ عليها.
بعضهم تحدثه العربية البيضاء كما تسمى، فيرد عليك بالانجليزية رغم عروبته أباً عن جد، تطلب منه تعبئة نموذج فيختار الانجليزي، يخاطب أبناءه بالانجليزية، يجعلها في مفضلته ان طلب منه الاختيار. لسنا ضد إتقان لغات أخرى غير العربية ولكن ليس على حساب لغتنا وهويتنا. ولسنا ضد استقطاب السياح والزوار من كل أنحاء العالم ولكن لا يعني ذلك الاستسلام والتخلي عن لغتنا لصالح لغات أجنبية.
استقطاب الملايين من السياح وإقامة ملايين آخرين من الأجانب في الدولة لا يعني أن نتنازل بهذه البساطة عن اللغة العربية، ولا يعني إلغاء جزء من هويتنا، ولا يعني أن نتخطى موروثاتنا.
والدراسة والتعلم في مدارس أجنبية لا يعني إهمال الأبناء للغتهم العربية التي هي لغة دينهم، ولا يعني وضع العربية على الرف بحجة ان اللغة الانجليزية هي المطلوبة في كل مكان، وبحجة أن من يتقنها له الحظ الأوفر في الوظيفة الأفضل والمكانة الاجتماعية المرموقة.
اللغة العربية مسؤولية كل ناطق بها، وكل فرد ينتسب إليها، والتهاون في تعميمها واستخدامها هو إيذان بانقراضها وتلاشي هويتنا معها. فأهمية اللغة لا تكمن فقط في كونها وسيلة تخاطب لكنها عنوان هوية ودليل تواجد. وتحمل في كل مضامينها ثقافة لا يجدر بنا التنازل عنها والتفريط فيها، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لأن نحافظ على هويتنا وثقافتنا ولغتنا التي تكاد تحتضر على أيدينا، وبيدنا لا بيد غيرنا. فلنراجع وضع اللغة في مؤسساتنا ومرافقنا العامة، ولتكن اللغة في أعيننا ليس في يوم فقط بل في جميع الأيام وعلى مر الأعوام.