ميساء راشد غدير
بحزن شديد استقبلت الأسبوع الماضي خبر تقاعد مواطنين أكاديميين في جامعة الإمارات، وشعرت بغبن شديد وأنا أودعهم، ذلك أن من نودعهم اليوم ليسوا أي أكاديميين، فهم من الأساتذة الجامعيين الذين أضافوا لهذه الجامعة، وممن تركوا آثارهم على أجيال تخرجت طوال السنوات الماضية، وكنا نعول على استمرارهم، وتقديم سنوات أخرى من العطاء في هذا الصرح التعليمي العظيم الذي لا نقارنه بأي مؤسسة تعليمية في الدولة جاءت بعده، لاسيما في بعض التخصصات التي مازلنا بحاجة فيها إلى أناس بخبرتهم وعلمهم ونضجهم الإداري الذي يعد فقده اليوم أكبر خسارة.
هم نخبة من الأكاديميين لم تحصر عطاءها في فصول جامعية، فقد كانت فاعلة في مشاركات مجتمعية، ومشاريع وطنية في مجالات مختلفة تركوا فيها بصمتهم.
التقاعد مرحلة لابد وأن يصل إليها أي موظف أكاديمي أو غير أكاديمي، ولكن عندما يخرج مواطن من مهنة أحبها وعشقها قبل أن يصل إلى سن التقاعد الذي يعجز فيه عن العطاء، عندها لابد من طرح أسئلة عن أسباب تراجع رغبته في الاستمرار، ولابد من التساؤل عن أسباب خسارة الكفاءات لاسيما في الجامعات في الوقت الذي تشجع فيه الدولة على البحث العلمي، وفي الوقت الذي تحرز فيه جامعات الإمارات قصب السبق على غيرها.
المستويات المتقدمة التي تحرزها جامعة الأمارات وغيرها من الجامعات الوطنية كانت بفضل الاهتمام الذي أولته القيادة لهذه المؤسسات، وبفضل الكوادر الوطنية التي كان لها الدور الأكبر في تطورها وتنميتها، والحفاظ على المستوى الذي وصلت إليه والنجاحات التي حققتها يقتضي إيجاد البيئات التي تحافظ على الكفاءات الوطنية أولاً، وتستقطب الكفاءات الوطنية ثانياً أيضاً لتقف إلى جانبها، وتستفيد من خبرتها أن لم يكن في الجامعات ففي مؤسسات أخرى.
تقاعد المواطنين الأكاديميين أو استقالتهم بعد عشرين أو خمسة وعشرين عاماً خسارة وطنية لا تقدر بثمن، فبعد هذه السنوات تبدأ مرحلة العطاء الحقيقية، وتبدأ رحلة الاستفادة منهم في استشارات مهنية.
هل تدرك جامعاتنا هذه المسألة، هذا هو المأمول وما نتمنى أن ُيلتفت إليه بكثير من البحث والتفكير قبل القبول بالاستقالة أو التقاعد .