بقلم : أحمد الحوري
طالما أننا نتحدث خلال اليومين الماضيين عن الدروس المستفادة من تصفيات كأس العالم، في مختلف القارات، وما أسفرت عنه ومازالت في منافسات التأهل إلى مونديال روسيا 2018، تحدثنا عن الأرجنتين وموقفها المحرج في تصفيات القارة الأميركية الجنوبية، وما آلت إليه هذه النتائج المتردية للتانغو وفتح باب الانتقادات الموجهة للنجم ليونيل ميسي، ومقارنته بالأسطورة مارادونا وما قدمه كل واحد على صعيد المنتخب، كذلك أشرنا إلى الملحمة التي قدمها نجوم منتخب مصر، في تصفيات القارة السمراء، لاسيما في مباراتهم الأخيرة أمام الكونغو، وتمكنهم من التأهل في الأوقات الحرجة والحاسمة، وما فعله محمد صلاح الذي أصبح نجم شباك الرياضة المصرية بأكملها وليس الكروية فقط.
نتوقف اليوم عند درس جديد من دروس هذه التصفيات، وهو ما قدمه المنتخب السوري في التصفيات الآسيوية، وحضوره الرائع رغم مغادرته التصفيات أمس، مرفوع الرأس، بعد خسارته في الشوط الإضافي الثاني أمام الكانغارو الأسترالي، المنتخب السوري سطر ما يمكن أن نسميه كتاب فخر في الإرادة والتصميم والبذل والعطاء، منتخب يلعب أدوار التصفيات بأكملها محروماً من عاملي الأرض والجمهور، متغرباً من شرق القارة الصفراء إلى شرقها، يوم هنا وآخر هناك، منتخب منقسم بين هذا وذاك، لاعبون ابتعدوا وآخرون عادوا، ومع هذا استطاع أن يكون في قلب المنافسة حتى الثواني الأخيرة، وتحديداً حتى اصطدام كرة عمر السومة بالقائم الأسترالي الأيسر.
منتخب أخرج واحرج منتخبات كثيرة، ليست فقط تلك التي واجهها في مجموعته فقط، بل حتى تلك التي لعبت في المجموعة الأخرى، أحرج المنتخبات التي تسمى بالنخبة وذات المستوى الأرفع، لم يكن أكثر المتفائلين من السوريين، وربما غيرهم أيضاً، يتوقع أن يقدم منتخب سوريا ما قدمه في هذه التصفيات، تمكن المنتخب السوري بقيادة مدرب وطني، راتبه ربما لا يصل إلى واحد من عشر العشرة، قياساً برواتب المدربين العالميين الذين يتولون تدريب منتخبات القارة التي ودعت التصفيات المونديالية مبكراً، أن يبرهن للجميع أن الروح تفعل الأفاعيل والمستحيل، فليس من السهل أن تتقدم في جدول الترتيب على منتخبات قطر وأوزبكستان والصين، إلا إن كنت تعطي في المستطيل الأخضر 100% وأكثر من المجهود الاعتيادي، ليس من المعقول أن تقف نداً بند مع المنتخبين الإيراني والكوري الجنوبي، إلا إذا كنت تمتلك أشياء لا يمتلكها الآخرون، تذيب الفوارق على أرض الملعب، ليس من المنطقي أن تتعادل مع المنتخب الأسترالي بكامل محترفيه، وأنت منقوص من أبرز لاعبيك وفي مباراة مصيرية، وعلى مدى مباراتين كاملتين، رغم أن هناك منتخبات مثل الإمارات والسعودية عجزت عن فعل ذلك، إلا إذا تمكنت من تحطيم المنطق بامتلاكك سلاح التحدي والرغبة عملاً لا قولاً.
صافرة أخيرة..
خرج المنتخب السوري من التصفيات، لكنه ترك خلفه الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، موجهة إلى غيره من المنتخبات التي لم ينفعها احتراف، ولا مدربون عالميون، في بلوغ ما بلغه، فهل سنستوعب الدرس؟