أحمد الحوري
عندما قرر الأمير علي بن الحسين، دخول معترك معركة رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، أتذكر جيداً ردة فعل عدد من أصدقائي الإعلاميين، الذين اعتبروا القرار متهوراً، وأن «النشمي» سيخرج خاسراً من السباق، متكئين على التجربة المريرة لكل من خاض غمار مواجهة الديكتاتور بلاتر رئيس جمهورية كرة القدم، بدءاً من السويدي يوهانسون مروراً بالكاميروني بعيسى حياتو وصولاً إلى القطري محمد بن همام.
أما اليوم فكل الموازين انقلبت، ليس لما كشف عنه رسمياً من فضائح تدخلت فيها أكبر الأجهزة الأمنية العالمية، فما يدور في قصر الفيفا معروف للجميع ولكن يتغاضى عنه الكثيرون، بينما رفض الأمير النشمي أن يغض الطرف عن هذه المهازل وهذه البؤر النتنة التي هزت ثقة العالم في المؤسسة التي تدير كرة القدم ورجالاتها.
الأمور تبدلت، لأن الأمير علي بن الحسين سواء فاز أو خسر الانتخابات، سيكون قد كسب ود الشرفاء الذين رفضوا الحكايات التي لا تحدث إلا في أفلام المافيا الإيطالية، بلا شك أن اليوم، هو يوم الحسم، حيث سيكون أمام أعضاء الإمبراطورية خياران، إما التجديد لأربع سنوات أخرى من «الفساد»، أو إعطاء الأمل لرياضة كرة القدم، بانتخاب النشمي الأمير علي، لكي يكون الدم الجديد الذي سيزيل ترسبات الماضي، المليء بالرشاوى والابتزاز، ويفتح صفحة جديدة مع كافة عشاق المستطيل الأخضر.
ولكني في الوقت ذاته، أستغرب من مواقف التأييد التي خرجت من الاتحاد الآسيوي، والأفريقي، لصالح «الفساد»، لا أدري هل هم مغيبون عن الواقع؟ هل يتخوفون من مجيء شخص رياضي جديد، قادر على إحياء الإمبراطورية التي أصبحت تتآكل من الداخل والخارج؟
وما أضحكني أكثر، حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «مؤامرة» أميركية لإطاحة السيد «بلاتر» نتيجة عدم رضاهم عن تنظيمهم لكأس العالم العام 2018.
لماذا كل هذا العناد؟ وما الفائدة من الوقوف عكس التيار؟ للأسف هناك أشخاص يعملون دائماً لمصالحهم الشخصية وطموحاتهم، ولا يحكِّمون ضميرهم ولو لمرة واحدة، خاصة أننا نقف أمام مفترق مفصلي في تاريخ كرة القدم الدولية، يعملون كـ «طيور الظلام» يبتزون ويهددون، ولا يمانعون حتى لو وصل هذا الوعيد ليمس أخاهم العربي، الذي استطاع في فترة قصيرة أن يجمع العالم حوله، باستثناء ذوي القربى، ليكون هو المنقذ.
من المعيب أيها الواقفون مع بلاتر «المحترم»، أن نرى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، يعلن دعمه العلني للأمير علي بن الحسين، وأن يقدم ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، تأييده لانتخاب «النشمي» وهم ليسوا بآسيويين، ولا إخوة لنا في لغة الضاد، وأنتم تقفون مع «الفساد» إما خوفاً من البطش أو نتيجة المصالح الشخصية التي أرهقت تاريخنا، الحافل بالصراعات والمآسي.
ولكن بصفتي مواطناً مسلماً إماراتياً خليجياً عربياً، وأيضاً آسيوياً أعلن تأييدي المطلق لـ«النشمي» وأعتقد أن الملايين من العرب والعالم يقف اليوم مع الأمير علي بن الحسين، الذي سيعيد هيبة كرة القدم، وسيصلح ما أفسدته عصابات المافيا التي وضعت «فيفا» رهن الاعتقال في زنزانة «الفساد»، وأسكتت كل المعارضين، وقتلت الديمقراطية الرياضية، لذا كلنا معك أيها «النشمي» وكل العار لمن يقف إلى جانب «الفساد».
صافرة أخيرة
رسالة إلى العزيز بلاتر «حتى إذا فزت فإنك سوف تبقى ملاحقاً من أشباح الفساد، ورجالك الذين في أي لحظة قد يركبون «قوارب الهرب» ويبدأون بكشف المستور، ويتحولون من متهمين إلى «شاهد ملك» على تاريخك الأسود، فلا تفرح كثيراً يا سيدي العزيز».