أحمد الحوري
تفرض عليك بعض الاحداث ان تخوض فيها، حتى ولو لم تكن من ضمن اختصاصاتك، لذلك سأخرج عن نطاق الرياضة في زاوية اليوم، واتحدث عن الدقائق التي حبست انفاس العالم، واعني تلك الدقائق التي طالت النيران جانبا من فندق «العنوان»، قبل ساعتين تقريبا من وداع عام مضى واستقبال عام جديد.
وفي منطقة تعتبر من اكثر مناطق العالم ازدحاما، بالبشر وبالسيارات، ولاسيما في ليلة رأس السنة الجديدة، اقول حبست انفاس العالم، لان العالم بالفعل التفت بكاميراته التلفزيونية و«الفوتوغرافية» التي نصبها في اشهر منطقة وليدة في العالم.
لينقل منها اكبر الاحتفالات برأس السنة، التفت الى حادثة الحريق، وقامت اشهر القنوات العالمية بفتح مساحات واسعة من البث المباشر لتسليط الضوء على ما يجري، لتكون هذه القنوات والملايين ممن تابعوا التفاصيل على الهواء، شهوداً على النجاح الذي لم يتوقعه الكثيرون، وتحولت الازمة الى صك نجاح وتميز وقدرة على الارادة والادارة.
بفضل الله تعالى اولا، ثم بفضل الاساس المتين الذي وضعه قادتنا وحكامنا، والتخطيط المسبق والتجهيزات الاستباقية التي وضعت لمثل هذه السيناريوهات، تحولت حادثة فندق «العنوان» الى عنوان للتميز وفن ادارة الازمات، وتبارى اكبر الخبراء والمختصين لتحليل اسباب هذا النجاح غير المسبوق، ولاسيما ان الحوادث المماثلة، وفي اكبر العواصم العالمية شهدت فشلا ذريعا في كل الاتجاهات، تساؤلات طرحها هؤلاء الخبراء، الذين هال بعضهم هذا النجاح.
كيف يمكن اخلاء المئات من نزلاء ورواد برج يرتفع لاكثر من 60 طابقا في دقائق معدودة، وباصابات طفيفة لا تتعدى العشرين؟ كيف يمكن اخماد نيران اندلعت في مبنى بهذه الضخامة في وقت لا يتعدى ثلاث ساعات؟ والتساؤل الاكبر هو: كيف يمكن لمنطقة تعتبر، وفق مسمياتهم منطقة منكوبة، ان تستعيد بريقها في ذات الليلة وتشهد اكبر العاب نارية في العالم وبحضور مئات الآلاف من البشر؟
ما هو السر وراء كل هذه النجاحات؟ السر نعرفه نحن ابناء هذه الوطن الغالي، ويعرفه الاصدقاء الحقيقيون، المقيمون على هذه الارض المعطاء، السر هو ان هذه الدولة رسخ قادتها في كل المسؤولين، كبيرهم وصغيرهم، التضحية والتفاني.
وتأدية الواجب على اكمل وجه، كل في مكانه، السر ان هناك قائدا بمكانة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، يتابع كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن، وهناك مسؤول بحجم وزير الداخلية الفريق اول سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، يدير بنفسه غرفة العمليات ويوجه القادة الميدانيين لحظة بلحظة.
السر في ان هناك قيادة لا تقنع الا بالتميز، وقادة لا يختارون الا المتميزين، وقبل هذا كله قلوباً صافيةً ونوايا سليمة، فكان لا بد ان تفرز هذه الاشياء كلها مجتمعة، مؤسسات تحول الازمات الى نجاحات، فمن منا لا يتذكر كيف حولت دبي والامارات الازمة الاقتصادية العالمية 2008 الى نجاح يضرب به الوصف حتى الآن، وجاءت ازمة حريق فندق «العنوان» لتضاعف من نجاحات «دار زايد» وتعزز من مكانة دولة الامارات ودانة الدنيا دبي عاصمة للتحديات وعنوانها الاول، ولا عزاء للحاقدين.
صافرة اخيرة..