محمد الجوكر
نعود إلى التواصل معكم في رمضان للعام الخامس، لنستعيد الذكريات التي مرت بها رياضتنا منذ أكثر من خمسين عاماً، وذلك عبر مجموعة من الصور التي لم يسبق نشرها من قبل، وإذا كانت الكلمة مهمة لإلقاء الضوء على الحدث، فإن للصورة بعدها الخاص وقيمتها في توثيق الأحداث، وهي غالباً ما تكون محملة بقصص وحكايات، أبطالها نجوم صالوا وجالوا في الملاعب، ونحن هنا نرتكز على صور تعود بذاكرتنا إلى أيام الزمن الجميل، إيماناً منا بأن الصورة تبقى عالقة في الأذهان، وتزيد قيمتها كلما مرت عليها السنون.
حمدان وأحمد بن راشد يشهدان بحضور مانع بن خليفة المباراة التاريخية بين النصر عميد أندية الامارات مع سا نتوس البرازيلي في فبراير 1973
استكمالا للحلقة الأولى التي تحدثنا فيها عن زيارة سانتوس إلى دبي ومواجهته فريق النصر والتي حظيت باهتمام المسؤولين وعشاق الفريق، نواصل اليوم الحديث عن زيارة الفريق إلى الكويت.
يقول الطبيب الروسي المتخصص في العظام قبل أن يغادر الكويت نهائياً بأن من بين اللاعبين البرازيليين إيدو، جائير، كارلوس ألبيرتو (كابتن سانتوس ومنتخب بلاده)، السيندو، وكذلك بولفينا وغيرهم، جاؤوا للمنطقة ولعبوا هنا، وبيعت التذاكر كلها مسبقاً وبأسعار خيالية.
كما لم يكن متوافراً من الناحية العملية حتى إمكانية الحصول عليها، وقد كان كل مشجع حقيقي يحلم بمشاهدة فريق سانتوس الشهير بقيادة بيليه، حيث لعب في الكويت، ولم يبق إلا 20 دقيقة والنتيجة كما هي التعادل السلبي، والخصم المخيف يزيد في الضغط، وفي منطقة الجزاء أمام مرمى الكويت أصبح وعلى نحو متزايد ظهور بيليه وأيدو وجائير أمراً متكرراً، لكن بفضل أداء حارس المرمى الكويتي الممتاز الزميل عبد الحميد الشطي الذي أنقذ مرماه من أهداف بدت محققة، وبالرغم من هذا فسرعان ما تمكن بيليه من أن يقود فريقه للمقدمة؛ فمن وضع صعب جداً مرر الكرة من فوق رأس حارس المرمى المبتعد عن مرماه، لتستقر في الزاوية البعيدة لمرمى الكويت.
وهكذا أصبحت النتيجة 1- صفر، لكن القادسية لم يستسلم للخسارة، واستمر لاعبو الفريق في هجومهم الحاد المرة تلو الأخرى، دون أن ينسوا، بطبيعة الحال، الدفاع، وفي الدقائق الأخيرة نظموا جملة منظمة جداً وجميلة بالقرب من مرمى سانتوس ليسجلوا هدفا، فالكرة سددت بقوة ودقة لتطير في مرمى الخصم رغم قفزة حارس المرمى اليائسة، وأصبحت النتيجة 1-1، وانتفض جميع من في الأستاد من الفرحة، ووقفوا وهم يرددون النشيد الوطني، وواصلوا التصفيق لفترة طويلة.
وهكذا انتهى هذا اللقاء الشيق والمثير بالتعادل، وسجل هدف التعادل في مرمى البرازيليين جاسم يعقوب لاعب نادي القادسية الذي أصبح بين عشية وضحاها بطلاً قومياً فعلياً، وقد أهداه المليونير ورجل الأعمال الكويتي، الذي يبيع السيارات الأميركية، يوسف أحمد الغانم، وهو مشجع لكرة القدم، سيارة جديدة للهدف المحرز في مرمى سانتوس، وأهدى عائلته بوليصة تأمين بقيمة 25000 دينار. وعند وصول بيليه إلى الكويت استقبله الأمير، وعشية المباراة (11 فبراير) بث التلفزيون المؤتمر الصحفي الذي عقد آنذاك.
وقد قام بيليه بالإجابة عن كل أسئلة الصحافيين وفي كتابه «ثلاثون سنة في الكويت» يرسم طبيب العظام السوفييتي البروفيسور فيكتور فيليبوفج تروبنيكوف، الذي عمل في مستشفى للعظام، وتعرف إلى المجتمع الكويتي، صورة واقعية عن حياة البلد ومناطقه كافة، منخرطاً في تشكيلات المجتمع.