نعود إلى التواصل معكم للعام الخامس، لنستعيد الذكريات التي مرت بها رياضتنا منذ أكثر من خمسين عاماً، وذلك عبر مجموعة من الصور التي لم يسبق نشرها من قبل، وإذا كانت الكلمة مهمة لإلقاء الضوء على الحدث، فإن للصورة بعدها الخاص وقيمتها في توثيق الأحداث، وهي غالباً ما تكون محملة بقصص وحكايات، أبطالها نجوم صالوا وجالوا في الملاعب، ونحن هنا نرتكز على صور تعود بذاكرتنا إلى أيام الزمن الجميل، إيماناً منا بأن الصورة تبقى عالقة في الأذهان، وتزيد قيمتها كلما مرت عليها السنون.
هو علامة فارعة في تاريخ الرياضة اليمنية والعربية، «الواد اليمني» كما كان يحلو للجماهير المصرية مناداته، فهو اللاعب الوحيد الذي لعب لمنتخب مصر في مباراة ودية وهو لا يحمل جنسيتها، وهو اللاعب الوحيد الذي كان يعالج في بريطانيا بأمر من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، خاض تجربة التدريب مع المنتخب اليمني وقد سمي باسمه أكبر ملعب بالعاصمة صنعاء (ملعب المريسي)، فعلاً نجم لا ينسى من الذاكرة الرياضية اليمنية والمصرية، لأن أمثاله لهم سجل خالد يحفظ لهم كل إنجازاتهم وإبداعاتهم.
يعد علي محسن أو «علي أطلس» كما أطلق عليه المعلق المصري الشهير الكابتن لطيف، أشهر لاعب كرة قدم في تاريخ اليمن، وأنجح محترف مثّل الكرة اليمنية في صفوف الزمالك المصري سنوات طويلة، ويحظى بمكانة كبيرة لدى أبناء الشعب اليمني، لا يضاهيها أحد من الشخصيات الرياضية على مستوى المحافظات الشمالية والجنوبية، فيما يعتبر أكبر استاد رياضي في اليمن، يحمل اسمه، بمنزلة أكبر تكريم له.
شخصية علي محسن المريسي طغت على كل الشخصيات الرياضية في اليمن، ونال لقب شخصية القرن في اليمن عام 2000، وفقاً لاستبيان أجرته وكالة الأنباء الرسمية، وتأثر به الكثير من نجوم كرة القدم في اليمن.
اكتشفه المدرب الزملكاوي محمد قنديل، وضمه إلى الزمالك سنة 1956م، واستمر في رعايته رياضياً.
في عامه الثاني بمصر قبلته الثانوية الإبراهيمية، وانضم إلى فريقها الكروي، وتألق في صفوف فريقها الكروي، وتم اختياره أفضل لاعب في البطولة الكروية على مستوى المدارس الثانوية في القاهرة، فكرمته الثانوية الإبراهيمية بصرف راتب شهري قدره عشرة جنيهات، مع منحه حق السكن في سكنها الداخلي.
بلغ ذروة تألقه الكروي مطلع الستينات من القرن الماضي، عندما حقق لقب هداف الدوري المصري لاعباً محترفاً في الزمالك أعوام 1960، 1961.
جاء فريق وست هام الإنجليزي إلى مصر بعد فوز إنجلترا ببطولة كأس العالم عام 1966م ويضم هذا الفريق ستة من لاعبي منتخب إنجلترا ومنهم الكابتن بوبي مور قائد منتخب إنجلترا وهيرست الهداف، بينما ضم فريق الزمالك لاعبين كباراً أمثال يكن وعلي محسن وحمادة إمام ورأفت وفاروق السيد وطه بصري.
وقد فاز الزمالك على فريق وست هام 5/1 بعد مباراة تعتبر من أروع مباريات الزمالك التي لعبها أمام الفرق الأجنبية رغم شهرة الزمالك بأنه فريق الخواجات أي الفريق الذي باستمرار يلعب مع الفرق الأجنبية، كان يلعب بعقله وينسق بقدميه ويفتح عينيه العسليتين اللتين فتنتا النساء على الآخر ليحدد النقطة القاتلة التي يرسل إليها قذيفته، وكانت تأتيه الكرة من أعالي السماء فيمتصها بصدره لتستقر على قدميه ما بين غمضة عين وانتباهتها..
وقد قال كابتن توتنهام: علي محسن يمكن أن يصبح لاعباً عالمياً خطيراً. كما لعب المريسي أمام فريق بوتوفاجو البرازيلي الذي ضم بين صفوفه زاجالو وديدي اللذين شاركا ضمن منتخب البرازيل في كأس العالم لعامي 1958 و1962م.
توقف عن اللعب في مصر وعاد إلى اليمن بعد مؤامرة قادها المشير عبدالحكيم عامر الذي حرض الصحافة المصرية على النيل من اللاعب الفذ على الرغم من تكريمه له في مناسبة سابقة بساعة يد تحمل صورته الشخصية، لكنه، أي المريسي، عاد إلى مصر مرات أخرى وكرمه نادي الزمالك في حفل كبير أقيم بمقر النادي عام 1992م. انتقل إلى جوار ربه يوم 26 نوفمبر 1993م وينظم فرع الاتحاد اليمني لكرة القدم بعدن مسابقة سنوية باسمه، كما أطلقت السلطة المحلية بعدن اسمه على الشارع الذي كان يسكن فيه في مدينة التواهي.
أول لاعب يمثل اليمن خارجياً محترفاً بنادي الزمالك، لعب أساسياً مع الزمالك وكان له دور كبير في تحقيق الكثير من البطولات لنادي الزمالك المصري. انضم بسن صغير لنادي الزمالك عندما كان عمره حين ذاك 18 عاماً، وكانت أول مباراة أمام الخصم اللدود الأهلي المصري في كأس مصر التي فاز فيها الزمالك 2/ 1 وحقق هدف الفوز للزمالك. وكان للكابتن محمود قنديل دور كبير في بروزه وهو من قدمه للساحة الرياضية وكان له الفضل الكبير في تشجيعه.
علي المريسي قصة تاريخ الكرة اليمنية.. حقق لقب هداف الدوري لثلاثة مواسم متتالية 1960 و1961 و1962م، وكان أجمل أهدافه أمام المصري البورسعيدي عندما تلقى كرة من خط الـ 18 والتف ودار بالكرة وثبتها بصدره وعلى الطائر هدفاً من أجمل الأهداف التي سجلها.
نشأ وترعرع في عدن، وكان لقبه الشهير «أبو الكباتن»، وفي عز مجده في ستينات القرن الماضي لعب في منتخب مصر، مع أنه لا يحمل الجنسية المصرية، وقد اعتذر عن قبولها بسبب حبه وولائه لليمن. بدأ ممارسة كرة القدم في نادي الغزال بعدن الذي حمل لاحقاً اسم نادي الشعب ثم الميناء، قبل أن يذهب للدراسة في مصر عام 1950.
سكن في الدقي، وعاش مع أسرة مصرية، ولعب كرة القدم في حواريها، ولفت الأنظار إليه من خلال لعبه الكرة بشكل متواصل، نتيجة تعثر التحاقه بالدراسة في عامه الأول في مصر، بسبب رفض الثانوية الإبراهيمية انضمامه إليها.