يُعد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحقيقية، لما قام به من جهود كبيرة لسنوات طوال حتى يتحول الاتحاد من حلم إلى واقع، «صفحات رمضان» في هذا العام، وللسنة العاشرة على التوالي، تحاول أن تُلقي الضوء على علاقة الراحل العظيم بعالم الرياضة، ولعل الاهتمام الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وتلك العلاقة المتينة، وذلك من أجل تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، واليوم ونحن في «عام زايد» تلك المبادرة التي أطلقتها القيادة الحكيمة تقديراً لشخصية قلما يجود الزمان بمثلها، نستعرض التاريخ والهوية الحقيقية من خلال الرياضات، تلك الهوية الخاصة بنا والمختلفة عن الأمم والشعوب، والتي نفتخر بها دوماً بين الجميع.
لم تكن استضافة الإمارات، أعمال الدورة الرابعة لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب في العاصمة أبوظبي في الـ15 مارس 1981، مجرد احتضان اجتماعات يغلب عليها طابع البروتوكول المتعارف عليه في التجمعات العربية المعتادة فحسب، بل أنه أسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك عنوانها الأبرز «من زايد إلى شباب العرب.. دستور من 6 مبادئ».
ومثلت المبادئ الستة التي طرحها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بمثابة الدستور كيفية احتواء الشباب، واستثمار طاقاتهم لخدمة مصالح الأمة العربية، رياضياً واجتماعياً، وفي كل الجوانب الحياتية الأخرى، استشعاراً منه بالأهمية الفائقة لفئة الشباب في بناء الأوطان والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتقدمة.
المبادئ الستة
وتمثلت المبادئ الستة التي أطلقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بـ:
أولاً: جعل الإنسان محوراً لأهداف نهضتنا، وأعني بالإنسان في أحسن مراحل عمره ونموه أخذاً وعطاءً وتفاعلاً، وهي مرحلة الشباب، بادئين عنايتنا بالناشئة، فهم أول الغرس وإيلاء العناية لهم أمر طبيعي ومنطقي.
ثانياً: لابد أن يولي الساسة ومتخذو القرار وموجهو الناشئة، قطاع الشباب بأبعاده الثقافية والعلمية والرياضية، الأولوية المطلقة في الاعتبارات المختلفة من حيث رصانة السياسات أو دقة الخطط أو حسن التنظيم، ورصد الأموال التي توظف في أحسن الاستثمارات، كما يجب أن نقتنع به، ونحن في دولة الإمارات ومن هذا المنطلق، ركزنا على هذه الناحية وميلاد المجلس الأعلى للشباب والرياضة مصحوباً بهذه التوجهات، خير مثال.
ثالثاً: نستقطب أنظار المشاركين في المؤتمر، إلى أهمية وشمولية قرار السياسات الشبابية من حيث التطبيق وشمولية التنفيذ، إذ يعبر عن المعنى الوظيفي للمؤسسة المعنوية الكبرى، وهي الدولة كما تعتبر جميع الأجهزة التنفيذية معنية بالقرار وهذا لا يتأتى في المجالات الأخرى.
قضايا رياضية
رابعاً: لاحظنا أن حركة الشباب في العالم العربي تتجه إلى القضايا الرياضية البحتة دون أن يكون هناك اعتماد لأولوية الفكر والثقافة، وعليه نتطلع إلى مؤتمركم بأن يجعل شؤون الفكر والإبداع وشمولية المعرفة والثقافة ذات الهوية المتميزة، مقدمات للمسلمات السياسية التي ستكون نتاجاً صحيحاً ومتزناً وسبيلاً للوفاق والتضامن المنشود، وهذه القضية تعتبر حضـــارية بالدرجة الأولى، ونحتاج إلى حسم من مؤتمـــركم وتوجيـــه النداء إلى المؤسسات الأخرى ذات العلاقـــة بالأمر كالجامعة العربية والمؤسســات التابعة لها والدول المشاركة في عضويتها وغيرها من المؤسسات لتتولى التنسيق فيما بينها.
خامساً: نتطلع إلى الرابطة الأم، الجامعة العربية بأن تجعل مؤتمر وزراء الشباب والرياضة العرب من المؤتمرات الفنية والاستراتيجية للمعنى السياسي القومي البالغ في هذا المؤتمر.
ابن آدم
سادساً: نتمنى لو اقترن اسم الشباب في مؤتمركم بالثقافة، لنبدأ اهتمامنا بالإنسان من أعلى شيء فيه وأحسنه وهو عقله وفكره، ولذلك كرم الخالق عز وجل، ابن آدم والأمر متروك لتقديركم فأنتم بناة، والبناة لهم من الثقافة والأناة وحسن المراجعة ما يجعلهم أهل إصلاح وبصيرة، إيماننا وإيمانكم بوحدة الصف العربي ودوام تضامنه واستمرارية هذا التضامن وبروزه صفاً متميزاً له هويته السياسية والثقافية والتاريخ النابعة من العروبة والإسلام «ومن لم يكن مسلماً بدينه فهو مسلم بحضارته»، فإننا ندعو جادين إلى تجنيب شبابنا العربي التيارات التي لا تمت إلى هذا الانتماء بصلة حتى نصنع أرضية ومناخاً للممارسات السياسية.
بذرة خير
لا يبدو صعباً أبداً، أن يلمس المنصف، حقيقة أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هو «بذرة خير» انتشرت بكرم من الخليج العربي حيث الإمارات، إلى المحيط الأطلسي، الذي يشكل أقصى حدود وطننا العربي، لتشمل تلك البذرة الطيبة، كل أقطار العرب.
ومن أبرز معالم تلك البذرة الخيرة، دعم «زايد الخير» للدورات الرياضية العربية باعتبارها بيتاً كبيراً لتجمع الشباب العربي في مختلف الألعاب الرياضية في ظل أجواء من التنافس الشريف بين الرياضيين، مع إمكانية أن تشكل تلك الدورات، فرصة للم الشمل العربي من بوابة الرياضة والشباب. كما عمل «زايد الخير» على تعزيز مساهمة الإمارات في مضاعفة الدعم المالي المقدم للدورات الرياضية العربية، ما انعكس إيجاباً على ارتباط الدولة بالتجمعات العربية من خلال الإعداد المبكر للمنتخبات الوطنية، والمشاركة بأكبر وفد رياضي على مستوى الدولة، خصوصاً في الدورة العربية التاسعة التي أقيمت في الأردن 1999.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان