نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.
«كانت أيام» جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية والتي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى، وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية.
فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي، فمنهم من غيبهم الموت، ومنهم من تقدم بهم العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها، وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، «كانت أيام»، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.
نستكمل اليوم الجزء الخاص من آخر إصدارات المستشار إبراهيم بوملحة الذي عرفناه رياضيا ولاعبا لفرق كرة القدم بنادي الوحدة بدبي، حيث نستعرض اليوم قصة الفرق التي تكونت في تلك الفترة.
يقول بوملحة في عرضه لهذه المسيرة عبر كتاب «الفريج ذكريات من الزمن الجميل»: أسسنا ونحن صغارا في فريج عيال ثاني ناد بإسم الرسالة، واشترينا هافات بيضاء من السوق وفانيلات كتبنا عليها «بالتخوير» إسم الرسالة، وكنا نتمرن في الساحة الملاصقة لبيت عيال ثاني، ونلعب مباريات مع الفرق في الفرجان الأخرى، ولا تزال لدينا صورة وحيدة لهذا الفريق تضم لاعبيه، وكنت من ضمنهم، وكنا صغاراً لم نتعد الثامنة من العمر وقتها، كما أننا أسسنا في عام 1963 في فريجنا فريقاً أسميناه الأحرار واستأجرنا مقراً له عبارة عن دكان صغير.
وعندما كبرنا قليلاً اشتركنا في الفرق الرياضية الكبيرة التي تلعب عند سيف البحر مثل النجم الصاعد في الرأس، وكان رئيسه الأخ أحمد بن سلوم الذي لعبت في درجته الثانية وقتها، وفريق نجمة الشرق وكان رئيسه عبيد النشمي رحمه الله، وفريق النهضة وكان رئيسه سالم بالطويلة رحمه الله، حيث كانا في فريج عيال ناصر عند سيف البحر وكان لكل فريق درجتان أولى وثانية وتسمّى (A وB).
وفي الصيف عندما ينتهي الدوري والكأس للفرق الرياضية الرسمية التي تلعب عند ملعب الثانوية ينتقل أكثر اللاعبين إلى فرق الشاطئ التي تلعب على سيف البحر، ويقام بينهم دوري يشتد فيه الحماس والتحدي ويحضره جمع كبير من المشجعين.
وكان الذي يتميز من اللاعبين الصغار في الفرق التي تلعب عند البحر ينتقل إلى إحدى الفرق الكبيرة بديرة التي تلعب عند ملعب الثانوية أو فرق بر دبي ويلعب في الدرجة التي تناسب سنّه وقدراته إما في B أو C ثم ينتقل بعدها إلى الدرجة الأولى A.
الشباب والوحدة
وكان في ديرة فريقان كبيران هما نادي الشباب العربي ونادي الوحدة، أما ناديا الترسانة والنجاح فكانا وقتها فريقي درجة ثانية. وفي بر دبي كان فريق النصر وكذلك فريق الزمالك الذي أسسه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم آنذاك، ولعب فيه فترة ثم تغير إلى إسم نادي الوصل الحالي، أما نادي الهلال البحري في الشندغة ونادي الشعلة ببر دبي فقد كانا يلعبان على مستوى الدرجة الثانية.
ثم انتهى الهلال وتحول أكثر لاعبيه إلى نادي النصر وبعضهم انضم إلى نادي الوصل، وتقام المباريات على ملعبين رئيسيين أحدهما ملعب نادي النصر في بر دبي والملعب الثاني بجانب مبنى مدرسة الثانوية العامة بديرة مقابل بلدية دبي، وتنظم بين فرق الدرجة الأولى وحدها وفرق الدرجة الثانية وحدها مباريات دوري وكأس شديدة الحماس وتكتظ الملاعب بالجمهور والمشجعين، وتصير أحياناً كثيرة من المشاحنات والإشكالات بين اللاعبين داخل الملعب أو بين الجمهور خارجه.
ثورة وهجرة
وفي عام 1964 عندما قامت ثورة في زنجبار بأفريقيا وأطاحت بالحكم فيها هاجر كثير من الزنجباريين إلى دبي، وكان بعضهم من اللاعبين الممتازين.
أذكر منهم في نادي الوحدة خالد كاسترو وكان أشهر لاعب بفنياته الكروية العالية، حيث كان من أفراد العائلة الحاكمة في زنجبار، وسالم حكيم وعلي سليمان وسالم العضب ومحمد بانكي وقد لعبوا فترة في الدرجة الأولى في نادي الوحدة، ثم بعد أن استلم السلطان قابوس بن سعيد الحكم في عمان ذهبوا جميعاً إلى هناك بصفتهم عمانيين ومنهم من استلم، حسب ما سمعنا، مراكز مرموقة في البلاد.. ولقد تميز بعض اللاعبين في تلك الفترة بمواهبهم الفنية وقدراتهم الرياضية رغم قلة الإمكانيات وضعفها وعدم وجود مدربين وبرامج رياضية كالتي هي موجودة الآن في الأندية في ظل هذا التدليل للاعبين والإسراف في الصرف الرياضي.
وكان بعض أولئك اللاعبين يفوقون مستوى وقدرات اللاعبين اليوم بمراحل مثل خليفة بن دسمال وسعيد سيف بن ثالث ومطر الباشق وسهيل سالم وسلطان الجوكر وسالم بوشنين وحارس المرمى مطر خلفان «كابودور» الذي لم تنجب حراسة المرمى شبيهاً له حتى يومنا هذا. وفي فترة لاحقة أحمد علي عيسى وعبدالرحمن العصيمي ومحمد سالم سهيل وعبدالله خليل وجاسم محمد وغيرهم كثيرون من لاعبي ذلك الوقت.
فضل شحتة
ويقول بوملحة في كتابه «الفريج ذكريات من الزمن الجميل»: كان المدرب الذي له فضل علي في مسيرتي الرياضية آنذاك الكابتن المصري شحتة، وهو أول مدرب في المنطقة، إذ لم يكن هذا النظام معروفاً وقتها، وإنما كان أفراد الفريق ينزلون الملعب، وبعد أداء بعض تمارين التسخين بالكرة ينقسمون إلى مجموعتين وتحدث بينهم مباراة إلى حين الانتهاء من التمرين بحلول المغرب، ويكون أحياناً المسؤول عن تنظيمهم أحد اللاعبين مثل أكبرهم سناً أو غير ذلك من اللاعبين، وقد تدربت على يد هذا المدرب المصري الذي كان مثالاً للأدب والأخلاق والالتزام، حيث أثرت أخلاقه في اللاعبين.
بداية
يقول بو ملحة: لعبت في بداية حياتي عندما كنت صغيراً مع من هم في سني في نادي الوحدة في الدرجة (C) والذي كان رئيسه الأستاذ ناصر بن عبدالله بن حسين أحد الذين لهم فضل كبير على اللاعبين والرياضة سابقاً ثم انتقلت بعدها إلى الدرجة (B) ثم إلى الدرجة (A).
3
يقول بو ملحة: كانت الفرق الكبيرة وقتها ثلاث درجات يطلق عليها (A-B-C). وكانت مسميات اللعب وقتها بالإنجليزي والتي حدث فيها شيء من التحريف في النطق مثل كولي أو قول كيبر وهاف باك وباك وسنتر وفورورد وكورنر وونك والكرة نسميها فوت بول.
1963
لا أنسى فريقي نجمة الشرق والنهضة وترأسهما النشمي وبالطويلة
1964
ثورة زنجبار خلقت مشاهير الكرة في دبي بسبب الهجرة