نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.
»كانت أيام« جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية التي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى.
وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية، فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي، فمنهم من غيبه الموت، ومنهم من تقدم به العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها، وعملوا بإخلاص وتفانٍ.
ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، »كانت أيام«، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.
جاءت نهضة الوصل وطفرته العمرانية الهائلة في مطلع الثمانينات، حيث تم افتتاح منشآت النادي الجديدة، رسمياً، في مهرجان رياضي كبير أقيم تحت رعاية المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم »طيَّب الله ثراه«، وقد افتتح منشآت النادي آنذاك سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم.
ويعد افتتاح المنشآت الجديدة مناسبة لا تنسى في تاريخ الوصل، حيث إنها كانت بداية الوصل المطور، وصل الثمانينات والتسعينات بمرافقه الحديثة والمتطورة بعد أن بدأ من مكان صغير محدود، وهذه طبيعة الأشياء، وأشرف على ترتيبات حفل الافتتاح الدكتور عبدالله ناصر سلطان العامري الذي تولى نفس المهمة في الإشراف على حفل »خليجي 12« بأبوظبي، فالرجل الدبلوماسي .
والذي عمل ضابطاً عسكرياً برتبة عميد طيار، ثم تقلَّد منصبين دبلوماسيين كسفير في فرنسا، ثم تولى نفس المهمة في الأردن، حيث يحمل الرجل العديد من الأفكار المتطورة، فهو رجل رياضي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فقد عمل في كثير من الاتحادات الرياضية منها عمله نائباً لرئيس اتحاد كرة اليد وعضواً في أكثر من دورة في مجلس إدارة اتحاد كرة القدم، وأيضاً عضويته في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وحقق فوزاً كاسحاً بانتخابات المجلس الأعلى للشباب والرياضة عام 1980.
ومن يومها برز اسمه وسطع على الساحة برغم أنه رجل يحب العمل ولا يحب الكلام، ويبقى »حاجة مشرفة« من خلال معرفتي به كرجل غيور ولديه فكر مختلف، وقد عرض عليه العديد من المناصب الرياضية الكبرى إلا أنه فضل الاعتذار، ويؤمن تماماً بأن لكل مرحلة رجالها، وعبدالله ناصر قبل أن ينضم للوصل لعب في النصر لاعباً موهوباً..
هدافاً ومراوغاً لعب مع الفريق في أغلب مبارياته وانضم مع أحمد النقيب عتيق الكاش ولعب في الفريق الأول برغم صغر عمره، إلا أن إمكانياته المهارية أهلته لهذا المركز في الفريق.
ولعب مع الجيل الثاني في نادي الزمالك مع عبدالله ناصر.. عتيق الكاش، سعيد سالم، محمد أبو الليل، فاروق عبدالله، سعيد حارب. وكانت آخر مباراة لعبها أمام الشعب التي انتهت بالتعادل 3/3 عام 1973.
250 ألف دولار
ومن بين المواقف التي لا تنسى في عام 2001 أتذكر واقعة كان بطلها عبدالله ناصر والذي كان يتولى منصب مدير النشاط الرياضي، حيث تم الاتفاق مع النجم العالمي مارادونا للعب في دبي، إلا أنه بالغ في طلبه، حيث طلب مبلغ 250 ألف دولار، إلا أن المفاوض الوصلاوي عبدالله ناصر رفض دعوة مارادونا، لأنه زار العدو الصهيوني ولعب في تل أبيب.
ونعود إلى يوم حفل افتتاح المنشآت الرياضية الجديدة لنادي الوصل، حيث كنت معلقاً على فقرات الحفل كمذيع داخلي، بينما علق على المباراة البحريني محمد النهام وكان الحفل مميزاً للغاية،.
حيث اتسم بفقرات عبرت عن تراث وتاريخ دبي، بما يعني أن نهضة اليوم هي امتداد طبيعي لتاريخ الأمس، يومها أزاح سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الستار عن لوحة تذكارية، وبدأ بعدها المهرجان باستعراض للخيول العربية يتقدمها مجموعة من براعم الوصل يحملون علم الدولة والأندية.
وشهد افتتاح نادي الوصل الجديد استعراضاً مبهراً للقفز بالمظلات شارك فيه مجموعة من أبطال العالم الذين حلقوا بالمظلات في سماء دبي يحملون علم الدولة وعلم نادي الوصل.
والعقبة التي واجهت المنظمين هو غياب الجماهير بسبب إجازة العيد، حيث نظمت إدارة الوصل دورة مصغرة شارك فيها فريقا القادسية الكويتي والأهلي البحريني إلى جانب نادي الوصل، وانتهت مباراة الوصل وأهلي البحرين بالتعادل بهدفين لكل منهما، بينما شهدت مباراة الأهلي البحريني والقادسية أهدافاً بالجملة وانتهت لصالح القادسية.
الاستعانة بـ «جرمن»
وتلقى نادي الزمالك (الوصل) دعوة من نادي التاج الإيراني لإقامة مباراة ودية في بندر عباس، وافق النادي على تلبية الدعوة، ولكن بعد الاستعانة بعدد من نجوم الكرة في أندية دبي كان مدرب الزمالك خلال هذه الفترة الكابتن إسماعيل جرمن الذي اختار الفريق من سعدي الريس وسلطان الجوكر وسليم الريس، أحمد النقيب، بخيت سالم، عبدالله سيف، المرحوم محمد حسن، أحمد محمد رشيف.
يوسف ناصر، إبراهيم رضا، علي خميس بالجافلة، مظفر الحاج، وترأس بعثة الزمالك عبدالرحمن تهلك، وذهبوا »باللنش« لمدة 12 ساعة وقد استقبل الفريق استقبالاً حافلاً من المسؤولين عن الرياضة هناك، وتم الاستعانة بالمدرب اسماعيل جرمن لتدريب فريق الزمالك بعد أن تولى المنزلاوي تدريب فرق الناشئين بالنادي.
وفي عام 1973 وعقبها قرر سمو الشيخ أحمد بن راشد آل مكتوم اختيار مدرب عربي متخصص في كرة القدم بعد خسارة الوصل من الأهلي بعشرة أهداف نظيفة، وقد أجرى الحاج خميس سالم اتصالاته وتم اختيار المدرب العربي المرحوم زكي عثمان لتدريب فريق الزمالك.
لقاء الشهيد
من بين المواقف التي يعتز بها الدكتور عبدالله ناصر بأن النادي أجرى اتصالاً بالشهيد فهد الأحمد رئيس نادي القادسية، وشكلوا وفداً لمقابلته ضم عبدالله لوتاه وعبدالله ناصر وطلبوا أن يلعب الفريق الملكي في افتتاح دورة الوصل، فرحب فهد الأحمد، حيث تم دعوة نجوم الكويت للاحتفال بهم من خلال المشاركة بافتتاح ملعب الوصل عام 1980.
دور مؤثر
لعب الدكتور عبدالله ناصر دوراً مؤثراً في ناديه خلال العصر الذهبي الوصلاوي، وأوجد اللوائح والأنظمة والمكافآت والجزاءات، كما خلق مراقبة تامة للفرق من خلال مديرية النشاط الرياضي التي ترأسها، وأحدث نقلة نوعية هامة أثرت إيجابياً في فوز النادي بالبطولات، وهو كذلك صاحب فكرة كأس دبي لكرة القدم.