نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.
«كانت أيام» جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية التي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى، وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية، فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي، فمنهم من غيبه الموت، ومنهم من تقدم به العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها، وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، «كانت أيام»، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.
عندما تتحول الذكريات الرياضية إلى سطور وصور مضيئة، فهي تؤكد أننا نؤمن بأنه ما زال للوفاء بقية وما زال الرابط قوياً بين الماضي والحاضر. كان ذلك أهم الدوافع التي دفعتني لتبني هذا المشروع الوطني القيم والذي وجد صدى طيبا من العديد من المؤسسات الوطنية الرسمية والأهلية بالدولة، وتقديراً منا كصحافة نعتبرها المرأة الحقيقية لأي مجتمع للدور الذي لعبه الأوائل من الرياضيين من أبناء الوطن واعتزازا منا لما قدموه في سبيل النهوض بالرياضة والرياضيين، نذكر الجيل الجديد بهم ونذكرهم بذكرياتهم العزيزة على قلوبهم.
نلقي الضوء اليوم على محمد عبدالله الكوس والذي يعتبر واحدا من أصغر اللاعبين الذين مثلوا منتخبنا الوطني لكرة القدم، لعب في الفريج في البداية ثم انتقل إلى الهلال البحري بعدها انتقل إلى النصر بعد الدمج عام 1960.
وقاد النصر عام 1986 وأحرز الثلاثية مع المدرب البرازيلي لابولا.
يقول محمد الكوس انتقلت إلى فريق العين لمدة 6 أشهر ثم اعتزلت اللعب بعد أن كان العين بحاجة إلى جهودي لأن الفريق في تلك الفترة كان مهددا بالهبوط وبالفعل لعبت معهم وكانت فرصة جميلة بأن ألعب مع نادٍ كبير.
وفي عام 1971 كان هناك حدث كبير في مسيرتنا كرياضيين عندما استقبلنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد طيب الله ثراه، كأول منتخب قبل السفر إلى دورة الصداقة بمهرجان الشباب العربي في الجزائر. ويقول الكوس إنه منذ طفولته كان معجباً بأداء سلطان الجوكر حيث تمتع بمهارة فردية قلما نراها اليوم، وأشار إلى أنه لعب في البداية في خط الهجوم ثم انتقل إلى الوسط أيام عبد القادر الكوارتي سوداني الجنسية أول من دربه بجانب المصري محمد ريحان مدرس التربية الرياضية عام 1970 بعدها أشرف عليه إسماعيل جرمن.
أزمة قلبية
ومن بين الأحداث التي لن أنساها مباراتنا أمام الكويت في دورة الخليج الرابعة عام 1976 بالدوحة والتي انتهت بالتعادل وكان موقفاً صعباً علي وأنا أراقب المرعب جاسم يعقوب، فقد كدت أتعرض لأزمة قلبية من كثرة صراخي على زملائي للرجوع لمساعدتنا بسبب الخطورة التي تمتع بها نجوم الكويت في تلك الفترة.
ومن بين الذكريات التي لا أنساها السفر إلى لبنان حيث استعان الفريق بزيد ربيع من نادي الخليج بالشارقة، حيث كان لتوه واصلاً من الكويت بعد أن شارك مع الفحيحيل ولعبنا هناك مع عدة فرق سورية ولبنانية وخلال هذه الرحلة تعاقد النصر مع رجب عبد الرحمن.
ويقول محمد عبدالله الكوس «بوطلال»: عن نفسه بأنه أكثر لاعب محبوب عرفته الملاعب في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بين عامي 1968 واليوم مرَّ الزمن سريعاً، والمشوار فيه ما فيه من التقاطعات.
مرحلة الطفرة
ويضيف: إن المرحلة من عام 68 ــ 76 تعتبر مرحلة الطفرة التي أصبحت خلالها لاعباً مشهوراً، وبعد عام 1976 سافرت إلى أميركا لدراسة الطيران، وهناك لعبت كرة القدم في الكلية الجوية، مع فريق مدينة (فلوريدا)، وأيضاً في جامعة (بري ريدل)، وفي مرحلة الدراسة تلك اتصل بي الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم واستقدمني لألعب المباريات المهمة للنادي ولمدة سنتين، وبعد عودتي من أميركا التحقت بالطيران المدني في البحرين، وحينها قابلني الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم، ورفض أن أتابع عملي في الطيران وأترك كرة القدم، وعرض علي ميزات أفضل من ناحية الراتب والبقاء بين الأهل والأصدقاء، ولهذا السبب تحولت إلى الجيش كطيار برتبة ملازم، وعدت إلى اللعب مع نادي النصر ككابتن فريق اعتباراً من عام 1980.
ويقول: كان انضمامي إلى نادي النصر في العام 1968، وكان نادي الهلال في الحي الشرقي من منطقة الشندغة، والنصر في الحي الغربي منها، وحين اندمج نادي النصر ونادي الهلال دخلت ضمن فريق الأشبال، وعائلة (حارب والغيث) التي نشأنا معها هي التي دفعتني للعب الكرة، وكان مدرب نادي النصر حينها ولاعبه إسماعيل الجرمن وراء ذلك أيضاً، بمتابعة من رئيس النادي المرحوم حميد الطاير، عندما انضممت إلى نادي النصر لم أمر في الفئة (B) بعد أن تابعني الجرمن، وضمني إلى الفريق الأول مباشرة.
انتقالي للعين حدث تاريخي في مسيرتي الكروية - هذا ما فعلته يومها، ففي العام 1986 كان نادي النصر يتصدر الدوري، وقد حقق ثلاث بطولات، وكان نادي العين في آخر قائمة ترتيب الفرق في الدوري، ويومها جاء الشيخ حمدان بن مبارك إلى الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم وطلب إليه أن يستعير من نادي (النصر) قائداً لفريق نادي (العين)، وليس مجرد لاعب كي لا يهبط النادي إلى أندية الدرجة الثانية، فرد عليه الشيخ مانع: (من تبغي)، فقال الشيخ حمدان: (أريد محمد الكوس)، فكانت تلك أول إعارة رياضية للاعب كرة قدم تحصل في دولة الإمارات بين ناديي النصر والعين، ولم يكن لتلك الإعارة أي امتيازات سوى ميثاق الشرف بين الناديين التوأم.
أول نادٍ
يقول محمد الكوس: لي الفخر بأن نادي النصر كان أول نادٍ محترف في الدولة بكل ما في الكلمة من معنى، وكان على تواصل مع الأندية الأوروبية والأميركية الكبرى، وكثيراً ما استقبل فرقاً أجنبية، مثل (سانتوس) البرازيلي، و(ليفربول، ومانشستر يونايتد) الإنكليزيين، والأهلي المصري، وأندية مهمة من دول مجلس التعاون الخليجي.
1979
يقول محمد الكوس: في عام 1979 كان لدينا مدرب اسمه محمد ريحان، هو مدرس تربية رياضية فحلّ مكانه عبد القادر الكوارتي، وهو الذي اقترح علي اللعب خلف المهاجمين بسبب نحافة جسمي وخوفه علي من الإصابة عند الاحتكاك مع دفاع الخصم، وبقيت في المركز ذاته 5 سنوات. ثم لعبت في كافة المراكز بإشراف المدرب الشربيني.