نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.
«كانت أيام» جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية التي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى، وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية، فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي، فمنهم من غيبه الموت، ومنهم من تقدم به العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها، وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، «كانت أيام»، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.
من خلال سعينا لإلقاء الضوء على المسيرة الخيرة لدولتنا ليس في الرياضة فحسب بل في كل النواحي، حيث اهتم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بالشباب، واعتبرهم الثروة الحقيقية للوطن، وقد تحولت الأنظار لدولتنا مع الاهتمام والدعم الذي أولاه قادتنا لأهمية دور الرياضة، فقد انطلقت الرياضة الإماراتية نحو العالمية بفضل رعاية قادتنا، والبداية كانت مع لعبة الأذهان الصافية والأذكياء، رياضة الشطرنج.
وخلال استقبال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بلاعب الإمارات سعيد أحمد سعيد الفائز ببطولة العالم للناشئين في الشطرنج، وهي البطولة التي أقيمت في المكسيك في الفترة من 28 سبتمبر وحتى 13 أكتوبر عام 1981م، أكد آنذاك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله عام 1981 أن الأمل والثقة كبيران في الشباب من أبناء الدولة، لتحقيق الطموحات في البناء والتقدم، إننا نتطلع بكل فخر واعتزاز إلى أبنائنا الشباب، لأنهم جيل الحاضر والمستقبل.
وكان قد حضر اللقاء عدد من المسؤولين في الحركة الرياضية والقطاع الشبابي، ومحمد عبيد غباش نائب رئيس اتحاد الشطرنج، كما حضر اللقاء والد اللاعب سعيد أحمد سعيد، وقد قدم بطل الإمارات إلى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان درع اتحاد الشطرنج هدية لسموه.
وظلت الأضواء تضيء مقر اتحاد الشطرنج بدبي ابتهاجاً بهذا النصر الكبير الذي حققه لاعب ناشئ في بطولة العالم الأولى للناشئين والتي أقيمت في المكسيك.
وشهد الاتحاد احتفالات واستقبالات وبرقيات متواصلة بهذه المناسبة التاريخية، وفوز الإمارات جاء نتيجة جهود مجلس إدارة الاتحاد في نشر اللعبة واختيار أبرز اللاعبين مع مدرب قدير ولاعب موهوب.
رياضة العقل والفكر
وصرح اللاعب سعيد أحمد سعيد في ذلك الوقت أن رحلته مع رياضة الشطرنج.. بدأت مع أفراد أسرتي، وقد شارك في الاتحاد بعد تأسيسه عام 1976 مع عدد من اللاعبين وقال: كنت حريصاً على حضور التدريبات ضمن برنامج نشاط الاتحاد التدريبي، ومن ثم اكتشفني المدرب مع مجموعة من الزملاء في الدورات المفتوحة للناشئين، وفي ضوء المستوى الجيد الذي قدمته في هذه المباريات اختارني المدرب مع بعض اللاعبين، وقدم لنا تدريبات خاصة في علوم الشطرنج وأصوله، وقد برز أخي ناصر سعيد خلال هذه الفترة ورشحنا المدرب للاشتراك في الدورات المغلقة التي نظمها الاتحاد للمنتخب القومي.
وأضاف سعيد أحمد عن أول لقاء مثل فيه دولة الإمارات كان في اللقاء العربي مع منتخب الكويت.
وحققت نتائج طيبة أمام الفريق الضيف، ولم أخسر في جميع المباريات التي لعبتها من هنا بدأ مدرب المنتخب يعدني لبطولة العالم تحت 17 سنة والتي أقيمت في فرنسا وفقد حققت نتائج جيدة لبلدي بالنسبة لسني وخبراتي البسيطة في ذلك الوقت بين 42 دولة شاركت في البطولة، ولقد كان لاشتراكي في هذه البطولة فوائد كبيرة في صقل مواهبي، حيث إن جميع اللاعبين في بطولة فرنسا الدولية كانوا أكبر مني سناً وذوي مهارات عقلية عالية.
لم أتوقع تحقيق اللقب
وحول توقعاته عن الفوز بالبطولة قال اللاعب سعيد أحمد سعيد: لعبت المباراة الثانية وتمكنت من الفوز وفي نفس الوقت كان مدربي يقوم بدراسة اللاعب المشارك في البطولة، وشاركت المكسيك بلاعبين لأنها الدولة المضيفة، وجميع النقاد توقعوا أن يفوز أحدهم بالبطولة، وفي لقائي مع اللاعب المكسيكي (أ) قدمت مباراة مثالية في طريقة اللعب وفي الافتتاحيات والتكتيك الهجومي، وحققت الفوز في النقلة 25 وكانت مفاجأة كبيرة للاعب المكسيكي الأول الذي أعدته بلاده للفوز بهذه البطولة من بين آلاف اللاعبين هناك، أما عن خسارتي من اللاعب الأميركي فكانت بسبب الإرهاق، حيث كنت ألعب مباشرة عقب لقائي مع اللاعب الباكستاني في مباراة مؤجلة استمرت ثلاث ساعات.
مباراة البطولة
توج سعيد علي بطلاً بجدارة واستحقاق، فكيف فاز على اللاعب المكسيكي (ب) وقضى على آمالهم في الوصول إلى المركز الأول..؟!
يقول سعيد علي: لقد ارتفع طموحي وثقتي بتحقيق البطولة وفاجأتهم بمستواي المتطور وخطتي التكتيكية، ولقد كانت هذه المباراة أجمل مباريات البطولة، حققت خلالها انتصاراً كبيراً مستخدماً الأسلوب التكتيكي في هذه المباراة، مع التركيز والدقة والهدوء، وأديت بالأسلوب الاستراتيجي بجانب دراستي الجيدة للافتتاحيات وإجادة اللعب بالطريقة التكتيكية وكنت ألعب مباراة بطريقة جيدة وأسلوب مختلف.
عائلة تمارس الشطرنج
في منزل سعيد أحمد قال والده أحمد سعيد: إنني فخور بابني الذي حقق لبلده البطولة، وأضاف أن جميع أولادي الخمسة يمارسون هذه الرياضة منذ الصغر، وأشجعهم لأني أمارس هذه اللعبة لكونها رياضة أجدادنا، وعن توقعاته قبل البطولة قال: كنت أشعر بأن سعيد سيحقق نصراً، حيث كان يفوز في البطولة المفتوحة ويلعب بطريقة استراتيجية يتمتع بقسط كبير من الذكاء والهدوء، يجمع بين تفوقه في الرياضة إلى جانب تفوقه في الدراسة.
وقبل أن ينهي حديثه قال: أمنيتي أن يجتهد كل لاعب في الألعاب الرياضية المختلفة، لتحقيق مزيد من البطولات والإنجازات لدولة الإمارات.
وفاء
أكد سعيد أحمد أن الاستقبالات والاحتفالات جعلتني أشعر بعطاء بلادي وأبذل كل ما لدي في سبيل الإمارات ورفع اسمها عالياً في المحافل العربية والدولية، وأضاف: سعدت كثيراً بالاستقبال الكبير عقب العودة، والتهاني من جميع المسؤولين في بلدي العظيم الإمارات.
أمنية
قال سعيد أحمد سعيد، الفائز بأول بطولات العالم للناشئين في الشطرنج آنذاك بعد العودة من المكسيك وتحقيق اللقب: أتمنى أن أحافظ على القمة في جميع المسابقات، لكي أصل إلى مستوى الأساتذة الدوليين في هذه الرياضة، وأن أسعد كل فرد على أرض الإمارات.