بقلم : محمد الجوكر
الإذاعة، تبقى هي الوسيلة الإعلامية الأولى، فمنها تعلمنا ومنها استمعنا ومنها استفدنا ومنها انطلقنا، نحو المشاركات الخارجية، وارتبطت شخصياً بالاستماع الإذاعي، وكنت غاوياً بدرجة غريبة لها، حيث كنت أملك «راديو» صغيراً.
وتعلقت من خلاله، بدورة كأس الخليج العربي الثانية لكرة القدم بالرياض عام 72، التي شهدت أول مشاركة كروية لمنتخبنا الوطني، وكنت أهوى التعليق، وكان ذلك أثناء الدراسة في اللقاءات بين الفصول، وهو ما كانت تتميز بها مدارسنا زمان، ليس كما هو الحال اليوم، يهرب الجميع من حصة الرياضة.
بل يعتبرونها مضيعة للوقت، بسبب الخمول والكسل، الذي أصابنا جميعاً، بسبب «الموبايلات» بمختلف أشكالها وأنواعها والتي زحفت لتدخل المدارس، والأجهزة التقنية الجديدة، حدث ولاحرج، لا نستطيع أن نوقفها، ولا أحد مستعد أن يستفيد من الحصة الدراسية والأنشطة الطلابية، وتلك مشكلة كبيرة على عكس بعض المجتمعات، تعتبر الأنشطة الطلابية، مصدراً للتعلم والإرشاد.
نعود إلى الجهاز الإعلامي الأول «الإذاعة»، فقد كنت أتابع وأستمع لإذاعة دبي، عبر المعلقين الأوائل من أبناء مصر، أمثال عبد المنعم رضوان وفاروق راشد ومراد رفعت، وكذلك مع انطلاقة إذاعة الشارقة، بعد كأس الخليج بخمسة أشهر، والتي تدخل الآن عامها ال46، وما يزيد على 4 عقود من الزمن، بدأت تنقل بعض المباريات الحبية، بين فريقي الخليج والعروبة، كبرى أندية الإمارة وقتها، أمام الفرق الخليجية والعربية.
منها الإسماعيلي المصري بطل أفريقيا لكرة القدم، وبالمناسبة الكرة العربية الآن ولأول مرة تسيطر على بطولات أفريقيا، بعد فوز فريق الرجاء المغربي أول من أمس بكأس الكونفدرالية، ومن قبله الترجي التونسي بطل دوري الأبطال، فمبروك للعرب هذين الانجازين.
ونعود مجدداً، إلى الإذاعة رفيقة دربي الإعلامي، التي عايشت معها هذه الأيام فرحة الوطن بذكرى قيام دولة الاتحاد، ويالها من فرحة، ويجب أن نشيد بدور إعلامنا، الذي قدم بثاً موحداً للاحتفالات بشكل متميز، وقدم محتوى إعلامياً هادفاً، استطاع أن يستقطب جمهوراً واسعاً داخل الدولة وخارجها.
وهو ما جعلنا نشعر أننا أمام قنوات محلية مثالية، تضم وجوهاً مواطنة، نجحت بأن تفرض نفسها بمختلف البرامج، وبما أننا في عالم الرياضة والكرة خاصة، أقول عرفنا كلمة الوصف التفصيلي لمباريات كرة القدم، من الإذاعة المصرية، التي نقلت لنا عبر كبار المعلقين ومنهم من جاؤوا وعملوا هنا وقدموا وساهموا، وربما لأن اللكنة المصرية، محببة ودخلت البيوت والقلوب معاً.
فالتعليق عرفناه عربياً لأول مرة في عالمنا العربي، من أرض الكنانة، كما كتب الزميل عبد الرحمن فهمي في صحيفة الجمهورية، الذي يعتبر اليوم، ملك ذكريات الصحافة الرياضية في «أم الدنيا»، وتناول سيرة أصحاب الفضل في أن هناك حاجة اسمها «رياضة»، من خلال رجل اسمه فهمي عمر صديق عمره، كانت مصر تنتظره في الساعة السابعة مساء كل يوم تجرى فيه مباريات كرة قدم، مثلما كانت تنتظر «الست» أم كلثوم عندما كانت تغني.
وقال إن فهمي عمر هو السبب في حب الجماهير للكرة، حيث كان يصطحب المرحوم محمود بدر الدين، ومعه كرسي ومنضدة، ويجلس الاثنان بجوار خط الملعب، من أجل الوصف التفصيلي الأول في تاريخ اللعبة، لا في مصر فقط، بل في العالم كله، وسلام على زمان !!.. والله من وراء القصد.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان