نتواصل للعام السابع على التوالي، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر بالكلمة والصورة، فالذكريات تعني الكثير لكل إنسان، وتبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، وصور الذكريات هي التي تجسد أصل وأساس الحكاية، لأنها تذكرنا بالأيام الجميلة التي نتمنى أن تعود إلينا من جديد.
«كانت أيام» جزء مهم في مسيرة الرياضة الإماراتية، يستعيد بعض التفاصيل الثرية التي حدثت خلال الحقبة الماضية التي نحكي فيها عن الأحداث والمناسبات التاريخية، ونلقي الضوء على الأشخاص الذين كانوا فاعلين في بؤرة الأحداث بصور مختلفة ومتنوعة، تنشر غالبيتها للمرة الأولى.
وترصد تاريخ رياضتنا طوال الخمسين سنة الماضية، فكثير من هؤلاء، الذين مروا علينا، كانت بصماتهم واضحة على رياضتنا، ولم يعد يتذكرهم الجيل الحالي، فمنهم من غيبه الموت، ومنهم من تقدم به العمر، لكنهم أسهموا إسهاماً فاعلاً في تقدم الرياضة الإماراتية ورفعة شأنها.
وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم يستغلوا مناصبهم في تحقيق مكاسب شخصية، «كانت أيام»، هي فرصة لرد الجميل لكل هؤلاء، واحتفاء بالرموز لكي تكون قدوة ونبراساً في العطاء للجيل الحالي.
اسمه الكامل سالم سلطان بوشنين، كان يلعب قلب هجوم فريق نادي النصر، وبدأ مزاولة الرياضة في الفريج، مثل بداية كل لاعب، ثم في المدرسة، وانضم بعدها إلى نادي الهلال البحري الذي كان مقره في الشندغة، وذلك في عام 1963 والذي كان يترأسه المرحوم محمد بن حارب، حيث ارتقى النادي حتى وصل إلى الدرجة الأولى.
وفي عام 1967 اندمج نادي الهلال البحري مع نادي النصر بالجميرا، تحت اسم النصر، وكان سالم من اللاعبين الذين انضموا إلى هذا النادي الجديد، واستمر من ذلك الوقت يلعب للنصر حتى اعتزاله.
ظل اسمه يتردد حتى يومنا هذا وله صداه الكبير، فهو نجم النصر وهدافه، عاش للكرة فأعطاها حبه، وأخذ منها الشهرة وهو كان قليل الكلام، ولا يحب التحدث إلى الإعلام، ونادرا ما يتكلم لأنه كان لاعبا بل فنانا كرويا أطرب الجماهير بفنه ومهاراته وأهدافه وسرعته.
والكرة حرمته من تحقيق طموحه في استكمال دراسته العليا، عمل في وزارة الإعلام قبل التقاعد، وكان رفيقا وداعما للإعلاميين من موقعه في وزارة الإعلام، قبل أن تتحول إلى المجلس الوطني للإعلام، لم ينل في حياته ولا بطاقة حمراء، فلهاذ كانت الجماهير تردد وتهتف «عجب عجب ما بين بوشنين ورجب» وهو الهتاف الذي كان يردده جمهور الأزرق، وهي سبب وسر شهرته الواسعة في فترة السبعينات.
ظهور
يرجع الفضل الأول في ظهوره إلى الملاعب للمغفور له بإذن الله محمد بن حارب، فقد كان هو الأب الروحي لجميع لاعبي نادي الهلال، وكان يمدهم بكل متطلباتهم، وقد كان لاهتمامه المتزايد باللاعبين أن برزت مجموعة كبيرة منهم.
يقول سالم بوشنين: كنت أحد هؤلاء اللاعبين، ويضيف: كان رحمه الله رجلا عزيزا على قلوبنا، فهو والد عبد الله سعيد حارب من قيادات الرياضة الإماراتية حاليا.
كان سالم بوشنين قد انضم إلى فريق الهلال البحري عام 1964، وبعد أربع سنوات انتقل إلى نادي النصر وواصل معه حتى وصل إلى صفوف المنتخب الوطني والعسكري لكرة القدم، وشارك في دورات كأس الخليج الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على التوالي.
أول مباراة
لعب أول مباراة له في الدرجة الأولى مع النصر ضد نادي الوحدة بدبي، وانتهت المباراة لصالح النصر 2 - 1، أما أول مباراة دولية له، فقد كانت في السعودية ضد منتخب قطر في دورة الخليج الثانية بالرياض عام 72.
وسجل أول هدف له مع النصر في مرمى نادي الوحدة أيضاً في مباراة انتهت لصالح النصر 3 - 1، أما أول أهدافه الدولية، فكانت في مرمى منتخب البحرين في دورة كأس الخليج الثالثة، في مرمى الحارس العملاق حمود سلطان.
ويفضل سالم بوشنين مركز الجناح الأيسر، بعد مركز قلب الهجوم، لأنه كان مركزه الأساسي في السابق، وهو لا يجد صعوبة في اللعب في هذا المركز.
أفضل مباراة
لعب أفضل مباراة له مع النصر ضد النادي الأهلي بدبي في الدورة الرمضانية التي أقيمت عام 1973 وفي مباراة انتهت لصالح النصر 1/صفر وسجل هو هدف الفوز، أما أسوأ مباراة له فقد كانت ضد نادي «الناصر» بعجمان، ورغم أنها انتهت لصالح النصر 7/ صفر، إلا أنه لم يوفق في هذه المباراة، ولم يستطع أن يفعل شيئاً.
لعب أكثر من 25 مباراة دولية رسمية ومباراتين دوليتين مع الفريق العسكري، واشترك في دورات عديدة، هي دورة الخليج العربي الثانية بالسعودية والثالثة بالكويت والرابعة بقطر والخامسة ببغداد، ودورة مهرجان الشباب بالجزائر، والدورة العسكرية في الدوحة والكويت.
أجمل أهدافه
سجل سالم سلطان بوشنين أجمل أهدافه المحلية في مرمى نادي العروبة بالشارقة في عام 72، وكانت نتيجة المباراة 1/صفر لصالح النصر، أما أجمل أهدافه الدولية، فقد كان الهدف الرابع في مرمى منتخب البحرين.
وأحرج موقف صادفه كان في دورة كأس الخليج الرابعة، ففي مباراة الإمارات والسعودية، أراد أن يثير أعصاب حارس المرمى السعودي مبروك التركي، حتى يشغل باله ومن ثم تسهل مهمته في تسجيل الأهداف، فبدأ في إغاظته منذ بدء المباراة.
وبعد مرور بعض الوقت من المباراة، اشترك معه في كرة عالية، فوقع الاثنان على الأرض، وقام الحارس السعودي بسرعة واتجه ناحية سالم، ووقف على رأسه، وصرخ به وهو يرفع قدمه «هل أقتلك الآن» وهم بأن يضربه في وجهه لولا أن تدارك أحد المدافعين الموقف.
هوايات
يهوى سالم سلطان بوشنين، التزلج على الماء والجمباز بجانب كرة القدم، ويعتبر أحمد عيسى كابتن المنتخب الوطني، نجم ملاعب الدولة بلا منازع، ويحب اللعب مع عوض مبارك رفيق الدرب فهو يفهمه جيداً في تقديم الثنائيات، واستمتع بأداء الفنان الكروي الدكتور كسلا عندما لعب مع فريق النصر.
مميزات
من مميزات سالم بوشنين الكروية، أنه لاعب سريع جداً، وله قدرة كبيرة على التسديد المحكم، وله بنية جسدية ذات مرونة جيدة تمكنه من المرور بسهولة وسط المدافعين، ويهوي أيضا تسجيل الأهداف، ويعيبه قصر القامة وكثرة الاحتفاظ بالكرة، وبعض التصلب في المواقف، مما يستدعي منه انسجاماً أكبر مع الفريق.