بقلم : محمد الجوكر
يجتاح العالم، حمى كرة القدم هذه الأيام بدرجة عالية، ولا نرى «العك»، إلا في عالمنا العربي، للأسف الشديد، ووصلت الخلافات حد الغليان والمعارك بالأيدي والأقدام، وتحولت المباريات بين أندية البلد الواحد، إلى حلبة للملاكمة والمصارعة، حيث انتقلت الحساسية من اللقاءات العربية، إلى ملاعبنا الداخلية بصورة بشعة، لم نرها من قبل، والسبب «المعلونة» كرة القدم، التي تسبب الحساسية والتوتر ووجع القلب!، في وقت نحن بحاجة إلى التكاتف والمحبة، ففي كل موقع ومكان وزمان، نجد غالبية الحديث يكون عن الكرة ونتائجها، وحتى لو خرجنا بموضوع وأفكار رياضية، تكون المرجعية لـ «المدللة»، حتى أصبح الحال دماراً وخراباً تعانيه اللعبة، وانحطاطاً أخلاقياً، وانحرافاً، بدلاً من الاحتراف الذي يسعى البعض إلى اللجوء إليه أحياناً، للهروب من واقعنا المؤلم كروياً، لأننا لا نفكر إلا في الفوز فقط؟!
نريد جمهوراً يسهم بآرائه القيمة لمصلحة الرياضة، بينما نحن، للأسف، نجد عجب العجاب، حيث يقوم البعض بخداع الناس «الغلبانة»، بتحاليل مغشوشة لا تودي ولا تفيد، وقد تعددت الأسباب، لحاجة في نفس هؤلاء، ولأحلامهم التي ظلوا يعيشونها، فتتحول المصالح فوق كل الاعتبارات، ضاربين بالقيم الأخلاقية، التي هي من أهم الشروط الواجبة في الرياضيين، عرض الحائط، بل استمعت إلى صراخ وأصوات بعض الجماهير لنادٍ عربي، بالشتم والسب علناً، بطريقة يندى لها الجبين في مباراة بالأردن، وقد ماتت الرياضة بسبب التعصب والتوتر، هنا، لا بد من الحد من الظاهرة الخطيرة، التي ستقتل رياضتنا، إذا استمرت الأحوال نفسها، فالتصريحات الاستفزازية وإثارة الجماهير، وراء الأجواء «المكهربة»، التي تشهدها بعض المباريات، ونتيجة السكوت وعدم التدخل، يجب أن نحمي بطولاتنا، لا نريد بعض الدخلاء على الرياضة، يخربون سمعتنا الرياضية، فمثل هذه الظواهر للخروج عن النص في مشاهد حزينة، يجب أن تتوقف فوراً، وأرى أن الإعلام، يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في التأثير في الرأي العام، وهذه نقطة في منتهى الخطورة إذا لم نتداركها!
هناك نموذج مشرف قرأت عنه أمس، عندما أقدم حارس مرمى نادي نفط ميسان، المشارك في الدوري العراقي لكرة القدم، على إخفاء خبر وفاة رضيعته عن زملائه، لخوض مباراة أمام نادي الشرطة، وقال الحارس علاء أحمد لوكالة «فرانس برس» «قبل المباراة بساعات، توفيت ابنتي الصغيرة، بعد خمسة أيّام من ولادتها، بسبب مضاعفات إثر عملية الولادة، ويوم وفاتها، أخبرت أسرتي ألا تنشر الخبر، لأتمكن من خوض المباراة، وتحاملت على نفسي كثيراً، ولم أخبر مدربي وزملائي، لأنني متأكد من رفضهم لمشاركتي»، وبعد المباراة التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، انتاب الحارس شعور غريب، وأجهش بالبكاء، ما أثار استغراب زملائه، الذين كانوا سعداء بالنتيجة، وعندما علموا بالأمر، تحولت لحظات الفرح لديهم إلى حزن!!، فالأخلاق أولاً هي الشعار الذي علينا تبنيه إعلامياً وإدارياً، لكي نصل بالأمور لنصابها الصحيح، فلا يعقل أن يظهر علينا ملاكم وينزل الملعب، في لقاء الوصل والنصر، ويضرب «بوكسات» أمام الناس وعلى الملأ، بسبب هدف أو كورة!!.. والله من وراء القصد. نقلا عن البيان