بقلم : محمد الجوكر
من لا يحفظ ماضيه، لن يحفظه مستقبله، من منطلق هذه القاعدة، تولّدت لدي الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، بقدر استطاعتي، وهذه الحركة التوثيقية، جعلت زملاء قلّة، يقفون متصدّين رافعين شعار كي لا يضيع تاريخنا الرياضي، فهي تحتاج لحبّ العمل والجهد المتواصل والمصداقية والأمانة والدقة والصبر، والمتابعة الميدانية، ولأجل ذلك، عندما كنت صغيرا أشتري مطبوعات رياضية قديمة، وأقوم بقص الصفحات الرياضية، من الصحف والمجلات العربية، التي كانت تصلنا من لبنان ومصر والكويت، في فترة بداية السبعينات، قبل أن أتجه إلى إصدار الكتب التوثيقية، التي تتناول حقباً متفرقة، من تاريخنا الرياضي عامة والكروي خاصة، لمّا كان العمل التوثيقي، أمراً هامشياً في بلادنا، ومهنة ذات أهمية في بلدان أخرى، فالتوثيق جزء من حياتي، ومن خلاله ستذكره الأجيال، لكي لا تضيع الأحداث، في مهب الريح، مع استعدادي لمن يريد، لتأهيل الراغبين قي التصدي، لهذه المهمة الوطنية، وهكذا يكون عندنا مجموعة من الموثّقين لاحقاً، ومعها لن تضيع رياضتنا وأحداثها، خاصة مع ما حدث من جدل، حول من هو أكثر الأندية فوزاً بالبطولات، بعد الكيانات الجديدة.
وقد بدأت رحلتي، في جمع المجلات والصور وصفحات الجرائد عام 1978، أي بداية انضمامي لأول صحيفة عملت بها مندوباً، وهي جريدة الوحدة، التي ما زالت تصدر في أبوظبي، وكانت تضم يومها أقلاماً لا تنسى، على صعيد الصحافة الرياضية المحلية، فأصبحت على عهدي في التجميع والتوثيق حتى يومنا هذا، وأفتخر بما أملكه من كنز إعلامي رياضي، حيث خصصت مكتبة متواضعة بعنوان «كانت أيام» وحدّدت ركناً بسيطاً في بيتي، فيه كنزي الثمين، وهي مجموعة غالية الثمن، دخلت منزلي، قبل منزل الزوجية، أي قبل أسرتي، التي تقف بجانبي في دعم مسيرتي بتفعيل وحدة التوثيق الرياضي في ربوع الوطن.
وأهمية التوثيق الرياضي، وضرورة تأسيس قاعدة من البيانات والمعلومات، تدعم مشروعات وخططاً وبرامج تطوير ونهضة حركة النشاط الرياضي، وقد سعدت عندما سمعت بين فترات متباعدة، عن مبادرات من بعض مؤسساتنا الرياضية، كالمؤسسة العامة للشباب والرياضة واتحاد الكرة، وحتى أفراد من الرياضيين، لتوثيق تاريخهم الرياضي، كأفراد ومؤسسات، وذلك من خلال إصدار مطبوعات، في هذا الخصوص والمضمون، وهي بلا شك مبادرات جيدة ورائعة وضرورية كفكرة، لكن يبقى التنفيذ هو الأهم!! ومن وجهة نظري الشخصية، ومن واقع تجربتي المتواضعة في هذا المجال، الذي لا أخفي سراً أنني أعشقه، أن معظم الجهات عندما تبادر وتطرح فكرة توثيق تاريخها أو إنجاز حققته، لتقدر الجهة المعنية صاحبة المبادرة، أهمية الموضوع وحجم المسؤولية والجهد والعمل الذي يجب أن يؤدى، فالتوثيق خير من النوم، وما وجدته من حب وتقدير من الأسرة الرياضية، وبالأخص «الوصلاوية» ليلة البارحة، خلال حفل تدشين الإصدار الجديد «إمبراطور من ذهب»، بقرية البوم السياحية، أسعدنا كثيراً، وأعطاني دافعاً للمزيد، وفقنا الله جميعاً في خدمة الوطن كل في موقعه.. والله من وراء القصد.