بقلم : محمد الجوكر
Ⅶعندما فتحت عينيّ على الدنيا، واطلعت على الصحف والمجلات، التي تتناول الشأن الرياضي، كانت مجلات الأندية الرياضية بالدولة، وأقلام وطنية تكتب، وصلت بعد ذلك لمناصب عليا بالدولة، لخصوا تجربتهم عبر هذه الأندية، وعند أول إصدار عام 65 لمجلة أخبار دبي، كتب في شأننا عدد لا بأس به من المواطنين والإخوة العرب، بالأخص من السودان، ومع التطور الصحافي، بدأت الصحف تجذب عدداً من الصحافيين العرب، يكتبون الرأي ووجهات النظر، بطريقة مختلفة، وأكثر مهنية، لأن تجربتهم في ذلك تختلف، فكانوا بحق من ذوي أصحاب الكلمة المؤثرة، فكان لكتاباتهم وزن، ولها ردود فعل طيبة، وصدى واسع.
Ⅶومع التطور السريع، وفي مرحلة الثمانينيات، جاءت بعض أقلام عربية أخرى، التي كتبت المقال أو العمود، وسجلت حضوراً طيباً، وزادت من حرية الطرح، بشكل جريء، ولافت للنظر، فأصبحت الجريدة لا تُقرأ، إلا إذا كتب صحافي معني بذاته، حيث ارتبط القراء بهذه الأسماء، التي شكلت حضوراً قوياً في الساحة، وهذه الفترة نعتبرها، الفترة الذهبية للانتشار والتنافس الشريف، في مجال الصحافة، ومع مرحلة التسعينيات، اختلف الوضع، فقد دخلت أسماء وطنية على مستوى عال في الطرح، تناولوا القضايا بكل صدق وأمانة، فأصبح الكاتب الموطن، يعبر عن واقعه، ووجد تأييداً من الصحف، برغم قلة العدد في المحررين، إلا أن كُتابنا، أصبحوا لهم وضعية ومساحة، استفادت منها رياضتنا، وهذه حقيقة، نفخر بها، لأن «زمّار الحي» أطربنا وأتحفنا.
Ⅶوللأسف الشديد، شهدت السنوات الأخيرة، تراجعاً مخيفاً، خاصة مع دخول البعض ممن لا علاقة لهم بالصحافة، يستغلون علاقاتهم، والتأثير بالضغط على أصحاب الرأي، في بعض الصحف، بأن يكتبوا آراء ورقية لا قيمة لها من الناحية المهنية، فأصبحت تمجد وتمدح الأفراد، بأسلوب تسويقي، لم تتعود عليه صحافتنا الرياضية، لأن هذه الفئة، لا تمثلنا، لكنها تعرف من أين تؤكل الكتف؟! وبصراحة تسيء لما يطرح من كتابات، وتعيد إلى الأذهان، الفيلم المصري الشهير «حاتم زهران»، الرجل الانتهازي الذي جسده الفنان نورالشريف، رحمه الله، وهي صورة مخيفة، في هذا الحشو من الرأي، الذي يكتب حروف المجاملات والنفاق، ولا يستفاد منه على أرض الواقع العملي والإعلامي الذي يصطدم به، ولم نتعوّد عليه وتبقى كلماته من كماليات الديكور التي يتاجر بها، و«العبد لله» من الصحافيين التقليديين العاشق للصحيفة، برغم التطورات الهائلة في الإعلام اليوم، لكني أرى أنه في الوقت الحاضر تبقى «الجريدة» هي المقروءة الوحيدة، وتبقى الصحافة هي «الملكة» المتوجة في بلاطها، وهي الوسيلة الأكثر انتشاراً، لأي وجبة ثقافية فكرية، تتزامن مع يومنا هذا، مهما اختلفنا وتعددت آراؤنا.
Ⅶوما نعانيه اليوم، من أزمة، هي تضليل من بعض كتاب الرأي الرياضي، بينما لدينا كُتابنا المواطنون، وبعض إخوتنا الأعزاء، يكتبون بوعي وبنضج، وبطرح جميل، ولدينا مجموعة طيبة، لديها قدرة على التعامل مع الحروف بالعقل والمنطق، بينما الفشل الذريع عند البعض، الذي يكتب لأهداف غير رياضية، تصيبنا بالانتكاسة! والله من وراء القصد.