بقلم : محمد الجوكر
يُعد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحقيقية، لما قام به من جهود كبيرة لسنوات طوال حتى يتحول الاتحاد من حلم إلى واقع، «صفحات رمضان» في هذا العام، وللسنة العاشرة على التوالي، تحاول أن تُلقي الضوء على علاقة الراحل العظيم بعالم الرياضة، ولعل الاهتمام الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وتلك العلاقة المتينة، وذلك من أجل تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، واليوم ونحن في «عام زايد» تلك المبادرة التي أطلقتها القيادة الحكيمة تقديراً لشخصية قلما يجود الزمان بمثلها، نستعرض التاريخ والهوية الحقيقية من خلال الرياضات، تلك الهوية الخاصة بنا والمختلفة عن الأمم والشعوب، والتي نفتخر بها دوماً بين الجميع.
في إطار سلسلة الحلقات التوثيقية التي تقدمها «البيان» في عام زايد عن حكيم العرب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقصة رويناها في الحلقة الماضية عن سباقات الهجن تلك الرياضة الأصيلة، «لقد ترك لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نفخر به ونحافظ عليه ونطوره ليبقى ذخراً لهذا الوطن وللأجيال القادمة» كلمات لا تزال راسخة في الأذهان قالها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث أرسى بها قواعد الاهتمام بتراثنا، بل كانت هذه الكلمات نبراساً يضيء الطريق أمام الأجيال الحالية والقادمة، كي تسير على نفس الدرب وتحول الاهتمام إلى التراث.
أولى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كل الدعم للرياضات التراثية ومنها سباقات الهجن، وذلك بتسخير الإمكانيات اللازمة لتأخذ هذه الرياضات مكانتها اللائقة، ففي مجال سباقات الهجن حرص المغفور له بداية على الحفاظ على الإبل لأهميتها القصوى في حياة المواطنين في السابق كأهم وسيلة نقل، ومصدر للغذاء، وكانت تمثل الارتباط بالماضي في رعاية المهرجانات والسباقات التي تقام كل عام حفاظاً على الإبل، واستمراراً لهذه الرياضة التراثية المهمة لشعب الإمارات. كان لدى المؤسس، إيمان راسخ بأن الحضارة والمدنية والثروة ليست سبباً يجعلنا نتخلى عن عادات وتقاليد نؤمن بها، وليست عذراً يجعلنا نتخلى عن تراث عريق وماض تليد بناه أجداد سقوا هذه الأرض الطيبة بدمائهم وعرقهم.
تراث شعبي
كان اهتمام حكيم العرب وراء اهتمام الدولة بسباقات الهجن باعتبارها واحدة من عاداتنا الشعبية المعروفة قديماً والمتوارثة ضمن منظومة التراث الشعبي، انتشرت ميادين السباق وزاد الإقبال على ممارسة الرياضة من الآباء والأجداد والشباب. وسارت الأجيال على الدرب، على الرغم من التطور الحضاري والعمراني الذي شهدته البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، وما أدى إليه ذلك من تغيير في عادات الغالبية من الناس وتخليهم عن الوسائل التقليدية إلى استخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في مختلف مجالات الحياة، إلا أن أبناء الإمارات والمنطقة عموماً لا يزالون يرتبطون بجزء كبير من تراثهم، ويتجلى ذلك في ارتباط العربي الخليجي ابن الصحراء بالجمل وناقته.
تنظيم جيد
وأصبحت سباقات الهجن اليوم رياضة تقليدية تمتاز بتنظيم جيد تجتذب عدداً كبيراً من الملاك والمضمرين ليس فقط داخل الدولة، بل في كل دول مجلس التعاون الخليجي، وبات لدى الدولة العديد من السباقات التي تقام في الوثبة والمقام والعين والمرموم وغيرها من السباقات التي تطوف إمارات الدولة، كما رصدت لها جوائز قيّمة ونقدية بالملايين.
رياضات تراثية
وتعتبر سباقات الهجن العربية الأصيلة الأكثر شعبية في الدولة لما فيها من إثارة وتشويق، وإحياء للتراث الشعبي، وتتميز إبل السباق عن غيرها، بصفات عدة مهمة تعطيها أفضلية في السرعة، منها رشاقة القوام، وطول القامة، ونحافة الجسم، وطول الأرجل، خاصة الأرجل الخلفية، وصغر الخف، والرقبة الطويلة والأنف.
ويرتبط سباق الهجن ارتباطاً وثيقاً بالتراث الفريد للدولة ويعبّر عن أسلوب الحياة البدوية فيها، وكانت سباقات الهجن تجري في الماضي لإحياء مناسبات اجتماعية هامّة مثل مراسم الزواج أو المهرجانات الشعبية.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان