محمد الجوكر
تمثل كرة القدم في حياة الشعوب، ثقلاً اجتماعياً خطيراً، مؤثراً في سلوكيات الناس ومحبي هذه اللعبة المجنونة، ويفرد لها حيزاً كبيراً بين الأوساط الرسمية والشعبية، فليس غريباً أن نشاهد صراعاً سياسياً اقتصادياً، سببه «كرة القدم»، وهذا الواقع نعايشه يومياً، خاصة بين الدول الكبرى التي تتنازع من أجل استضافة كبرى بطولات العالم، أو حتى منصب رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم..
ولم تعد المنافسة محصورة داخل المستطيل الأخضر، بل تجاوزت ذلك، فأصبح الصراع دائراً بين الهيئات والاتحادات من أجل كسب ود هذه اللعبة الأكثر انتشاراً، وقد وصلت إلى المكاتب الاستخباراتية العالمية. فهذه الرياضة لها خصوصيتها، ولا أحد يختلف على قوتها وجاذبيتها، دون كل الرياضات الأخرى، ولم تعد كرة فقط، إنها لعبة الدول والمصالح!
مفاجـأة أخرى بالأمس عن إيقاف بلاتر، غير خبر الاستقالة التي تصدرت كل الأخبار السياسية والاقتصادية والعسكرية، فكانت حديث العالم بما يشبه زلزال، عندما فجر بلاتر قنبلة جديدة لم يتوقعها أحد، هكذا ينتهي الفيلم، والجديد، هو ما أعلنت عنه لجنة القيم بالاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، عن إيقاف بلاتر (79 عاماً) عن العمل لمدة 90 يوماً، على خلفية فضائح الفساد والرشوة..
بينما أكد أحد مساعديه، أن الخبر غير صحيح، ونتساءل، لماذا نحب المناصب؟ وإلى متى تستمر معنا، وأقصد هنا الرياضية وغيرها، فهناك الكثيرون يشبهون بلاتر اليوم في حبهم لتعدد المناصب، فأصبح سوبرمان من كثرة المناصب التي تلحق به!! إن الرجل القيادي مهما وصل إلى المكانة الرياضية، عليه أن يتذكر أن الأخطاء التي ترتكب باسمه، أو القرارات التي تصدر منه، ستدفع بالرياضة إلى الهاوية..
وإذا كنا قد أشدنا برئيس الاتحاد الدولي من قبل، فقد حان الوقت لكي يراجع نفسه، ويقرر نهاية مصيره، بعد أن أصبح بيد يجب ألا نقرأها لمجرد القراءة، فالرياضة العربية تعاني أيضاً من ويلات بعض المخربين، الذين ظلوا يجلسون على صدر الرياضة، ذات المعاني الحلوة والشريفة، ولوثوا بأيديهم هذه المعاني السامية، بسبب حب الذات والسيطرة على الكرسي..
وتنفيع ناس من الأقرباء والأحباب والأصدقاء، على حساب المصلحة العامة، لتضيع هيبة الرياضة بسبب هذه التصرفات والألاعيب، ولا يدرون هؤلاء الدخلاء على الحركة الرياضية، أن هذه المقاعد والكراسي والمناصب لن تدوم معه أبداً، فالذي يبقى هو السمعة الطيبة لمن يريد أن يعلم في حقلنا الرياضي، انظروا أمامكم، ماذا حدث للإمبراطور بلاتر، إنها حكاية «نهاية رجل شجاع»..
لكننا اليوم نقول، نهاية رئيس!! فما أجمل أن تدخل الرياضة شريفاً وتخرج منها شريفاً، وتترك في الوقت المناسب، وتعطي المجال لغيرك، وأخيراً، فإن بيت القصيد في هذه القضية ومضمونها، ليس الأفراد الذين نقول لهم (لو دامت لغيرك لما وصلت إليك).
وبصراحة، ما نراه من تخبط في فشلنا لمعرفة ما نريده، والضغوط التي يمارسها أحياناً البعض من أجل تغيير موقف أو اتجاه.. حتى لا تتضارب المصالح وتكون المناصب حكراً على ناس وناس، وسلامتكم.. والله من وراء القصد.