محمد الجوكر
مع عودتي لهذه المساحة والكتابة مرة أخرى بعد فترة توقف طويلة بسبب الإجازة، لا بد أن أتقدم في البداية بخالص العزاء والمواساة، في استشهاد كوكبة من أبنائنا أبطال القوات المسلحة، أبناء الوطن الغالي إمارات الخير، الذين ضحوا بأرواحهم الغالية، ضد كل معتد أثيم، وقدموا أروع الأمثلة في سبيل الحق ونصرة المظلومين في اليمن الشقيق، وهو ما سيتحقق قريباً بإذن الله، وحتى يعود اليمن السعيد، كما عرفناه عبر التاريخ، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد شهداءنا البواسل، بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنهم فسيح جناته، وقد ضربت عائلات الشهداء مثلاً يُشهد له في الروح الوطنية العالية، من خلال استقبالهم لقادتنا، مؤمنين بقضاء الله وقدره، وهنا، يعجز الكلام، ولا نملك إلا أن نقول »إنا لله وإنا إليه راجعون«.
نقطة فلسطين في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2018، أراها جيدة، قياساً بالظروف التي مررنا بها لعدة اعتبارات، وأتوقف خاصة عند نتيجة التعادل السلبي، والخروج بنقطة أراها إيجابية، رغم ضياع فرصة الفوز، لأننا كنا الأفضل فنياً على مدى 90 دقيقة، من حيث السيطرة على مجريات اللعب والتفوق الفني والتكتيكي، وبشكل عام، جاءت المباراة تاريخية.
حيث إن »الأبيض« هو أول منتخب عربي يمثل يلعب في رام الله، ولهذا، فقد خرج أبناء فلسطين الحبيبة محتفين بنجومنا، وسط هالة من الترحيب الكبير الذي وجدته البعثة، وكانت لي الفرصة قبل سنوات، في زيارة رام الله، وسكنت بنفس مقر إقامة البعثة الكروية، ووجدنا مدى حبهم وتقديرهم لأبناء الإمارات، كما أننا قمنا بمشاهدة ملعب المباراة، استاد الشهيد فيصل الحسيني، الذي احتضن اللقاء التاريخي، ونجحنا في كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني، ونتمنى دائما وأبداً من الأشقاء رجال الرياضة والإعلام العرب، أن يقوموا بزيارة فلسطين، بعيداً عن حجة التطبيع، ففي زيارتي لها، شهدت حدثاً تاريخياً كروياً لا أنساه، تمثل في إقامة أول دوري نسائي فلسطيني شهده عدد من السياسيين والرياضيين، بجانب ممثلين دوليين وعرب، لقد كانت فرصة تاريخية حقيقية لي في فلسطين، هذه الأرض الطاهرة التي سمعنا عنها مع ولادتنا، وظلت محفورة في القلوب، وقد حققت الرياضة على أرض فلسطين، أثراً كبيراً في نفوس أشقائنا الذين يعانون من ويلات الاحتلال وممارساته اللاإنسانية، ومثل هذه اللقاءات والتجمعات، تسهم في التواصل العربي الفعال مع القضية الفلسطينية، فآثار تلك الزيارات ليست رياضية فقط، بل تتعدّى ذلك.
حيث تشكل غطاءً إعلامياً مميزاً، له دلائل سياسية وثقافية وإنسانية، وهذه المشاركة الإماراتية، تأكيد واضح على مواقفنا المشرفة في كل المجالات، سياسية كانت أم رياضية، ونستلهم من فكر قادتنا حفظهم الله، في دعم كل أبناء العروبة، فهنيئاً لنا بهذه القيادة التي نعتبرها فخراً لكل مواطن، فاللعب في حد ذاته، أعطى للأشقاء دفعة قوية وكبيرة، وأثبتوا للعالم أنهم قادرون على استضافة الفرق والمنتخبات، برغم الحصار والاحتلال.
علينا أن ننسى ونفكر في المباراة المقبلة أمام الشقيقة الكبرى السعودية، التي نجحت في الحصول على النقاط الثلاث من ماليزيا، بعد أحداث مؤسفة وشغب جماهيري حال دون استكمال المباراة في دقائقها الأخيرة، ونطلب من الاتحاد الدولي التصدي لهذه الأفعال الدخيلة في ملاعب الكرة، وعلى الاتحاد القاري أن يعيد النظر أيضاً في شكل هذه التصفيات، بعد أن شهدت أهدافاً أكثر من الأمطار في الجولة الماضية، وهي سابقة خطيرة، تهدد مصير اللعبة بأكبر قارات العالم.. والله من وراء القصد.