محمد الجوكر
تمثل كرة القدم في حياة الشعوب، ثقلاً اجتماعياً خطيراً مؤثراً في سلوكيات الناس، ومحبي هذه اللعبة المجنونة، ومن هنا تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام بين الأوساط الرسمية والشعبية، وليس غريباً أن نشاهد صراعاً سياسياً اقتصادياً سببه «كرة القدم».
وهذا الواقع نعايشه يومياً، خاصة بين الدول الكبرى التي تتنازع من أجل استضافة كبرى بطولات العالم، ولم تعد المنافسة محصورة داخل المستطيل الأخضر، بل تجاوزت ذلك، فأصبح الصراع دائراً بين الهيئات والاتحادات من أجل كسب ود هذه اللعبة الأكثر انتشاراً، وفي البطولة الأفريقية التي اختتمت أول من أمس.
تأسفنا جميعاً لخروج المنتخبين العربيين الوحيدين من المنافسة على اللقب، وهما الجزائر وتونس، والأخيرة أقصيت بفعل فاعل أمام غينيا الاستوائية المضيفة، لكن نسور قرطاج كسبوا فريقاً شاباً جديداً، وانتقد بلاتر رئيس «فيفا»، ظاهرة الشغب التي شهدتها ملاعب البطولة الأفريقية، عكس حال ما رأه في أستراليا من تطور وازدهار للكرة الآسيوية.
* وحرصت أن أبدأ الزاوية بهذه المقدمة، لأن الساحة الرياضية الكروية مليئة بالأحداث المؤسفة، خاصة التي وقعت في مصر أول من أمس في استاد الدفاع الجوي قبل مباراة الزمالك وإنبي في الدوري، والتي راح ضحيتها 22 قتيلاً على الأقل، وهو ما أدخل الكرة المصرية من جديد في نفق مظلم.
حيث أعلن الاتحاد المصري لكرة القدم، تأجيل كافة أنشطة اللعبة في البلاد لأجل غير مسمى، حداداً على ضحايا تلك الكارثة الكروية، في وقت لا تحمل فيه الظروف المتوترة التي تمر بها «أم الدنيا» أي مشاكل إضافية، بسبب مباراة في كرة القدم، فمصر «مش ناقصة كوارث..
كفاية اللي فيها»!!، وقد ذكرتنا تلك الواقعة، بأسوأ كارثة كروية في تاريخ الرياضة المصرية التي سقط فيها أكثر من 70 قتيلاً في أعمال عنف عقب مباراة الأهلي مع المصري في بورسعيد، قبل ثلاث سنوات، ويبدو أن شهر فبراير أصبح شؤماً على الكرة المصرية، والغريب أن الاتحاد المصري قرر أخيراً عودة المشجعين للملاعب في النصف الثاني من الدوري.
ومع أول مباراة جماهيرية مرتبطة بقمة الدوري، بعد تنفيذ هذا القرار، سقط هذا العدد الكبير من الضحايا، ورغم هذه الكارثة، أقيمت المباراة بشكل طبيعي بعد تأجيل انطلاقتها 40 دقيقة، وانتهت بالتعادل 1 - 1، ليحافظ الزمالك على الصدارة متقدماً بثلاث نقاط على إنبي صاحب المركز الثاني.
*إننا نأسف جميعاً لما ألم بالكرة المصرية وأهلي الضحايا، لأن مصر لها مكان كبير في قلوبنا، وثقل اجتماعي وسياسي لا أحد ينكره، ونأمل ألا يكون من تبعات ذلك تأثيراً في استضافة هذه الأيام شخصية سياسية كبرى، هي الرئيس الروسي بوتين، وأتمنى أن تستثمر الرياضة المصرية هذه الزيارة وتتفق مع روسيا.
مثلما كان في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما وقعت اتفاقيات لجلب مدربين وخبراء لدعم الرياضة المصرية، وبالتالي، نتطلع لتوقيع اتفاقية جديدة ضمن بنود زيارة بوتين لتطوير الرياضة المصرية وبنيتها التحتية.
خاصة أن الرئيس الروسي بوتين شخصية رياضية، تمارس وتشجع الرياضة، وله دور كبير في تنمية الرياضة في بلاده، وعلى الإخوة في مصر أن يحكموا قبضتهم جيداً على كل من تسول له نفسه أن يصطاد في الماء العكر ويشعل الأجواء ويثير الفتن بين أفراد الشعب الواحد، إن علاقتنا مع العزيزة مصر مميزة وراسخة، ونأمل أن يحفظها الله من كل مكروه، وأن يبسط عليها الأمن والاستقرار..
والله من وراء القصد.