محمد الجوكر
كرة القدم، لعبة الشعوب والأمم، وهي لعبة خطيرة، لا تقتصر فقط على التنافس داخل المعلب، فما نراه اليوم على الساحة الدولية، جملة من المشاكل التي أصبحت تهدد كيان بعض المؤسسات الكروية، ففي أفريقيا، صارت حرب شعواء بين الاتحادات الأفريقية، خاصة من تونس والمغرب، اللتان تشعران بالتضرر الذي لحق بهما جراء القرارات التي اتخذها الاتحاد الأفريقي مؤخراً..
ودبت الخلافات بالأخص مع رئيس الاتحاد الكاميروني عيسى حياتو، والذي أصبح موقفه صعباً من الاستمرار في منصبه، مع فشل البطولة الأفريقية الحالية في غينيا الاستوائية، بسبب المستوى التحكيمي الهزيل والمتواطئ، خاصة ما صاحب لقاء تونس والبلد المنظم، حيث تسبب حكم المباراة في إبعاد نسور قرطاج، بقرارته الظالمة، وتم معاقبته وحرمانه ستة أشهر من التحكيم، وغرامة مالية على غينيا الاستوائية 100 ألف دولار، بسبب فوضى الجماهير..
والتي قدم لها الحكم هدية بإبعاده الفريق التونسي من دور الثمانية، ووصل الأمر إلى تبادل الشتائم بين أفراد أسرة الكرة التونسية والأفريقية، ما دعا الاتحاد الأفريقي بتهديد تونس بالحرمان من اللعب في كأس أفريقيا المقبلة، لو لم تقدم اعتذاراً رسمياً للجنة الانضباط، وكذلك حرمان المغرب من المشاركة في النهائيات لدورتين متتاليتين، دون احتساب هذه الدورة، بعد أن انسحبت من تنظيم البطولة الحالية بسبب مرض الإيبولا، ونُقلت إلى غينيا الاستوائية، مع فرض غرامة مالية قيمتها 40 ألف دولار، والأمر خطير كما ترونه.
وعلى صعيد قارتنا الآسيوية، بدأت بعض التحركات الخليجية من أجل توحيد الصوت في إبعاد أستراليا من القارة الآسيوية، رغم فوزها الأخير بكأس الأمم، التي استضافتها، خاصة وأنها الأكثر استفادة بالانضمام للقارة العجوز، في حجز مقعد دائم بنهائيات كأس العالم، كما أن اللقب القاري قد يصبح حكراً، ما يضعف من حظوظ فرق القارة، وخاصة العربية، بالمنافسة في كافة الاستحقاقات التي سيطرت عليها أستراليا، وبالتالي، استفادت وحرمتنا من بطاقة التأهل للمونديال، كلها أسئلة تطرح نفسها..
وهذا كله نتاج أننا كعرب غير متوحدين، ومتنافرين، كل يغني على ليلاه، وكل يغرد وحيداً، وبالتالي، تضيع علينا الحقوق ونحن نتفرج ونتصارع، ولا حياة لمن تنادي، عملنا عشوائي وفردي، وكل عمل يعتمد الفردية والاجتهادية، فهل ستناقش الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي في المنامة يوم 30 مارس، أم ستمر مرور الكرام، هل تحركنا سيكون بالشكل القانوني الصحيح أم مجرد زوبعة في فنجان.
وعلى صعيد بطولتنا الغالية في المنطقة، تطوّرت الأمور بشكل سريع حول دورة كأس الخليج الـ 23، المقرّر إقامتها نهاية العام الجاري أو مطلع 2016، فبعد ساعات من اعتذار العراق رسمياً عن عدم الاستضافة، أعلنت الكويت رسمياً أنها لم تبدِ حتى الآن موافقتها على استضافة الدورة، وبات مصير ومكان إقامة خليجي 23 غامضاً، خاصة أنه لم يتبقَ سوى أقل من عام على إقامتها.
وقد تحسم الأمور خلال اجتماع المؤتمر العام غير العادي لرؤساء الاتحادات الخليجية المقرّر عقده 18 الجاري في الرياض، وقد يقرّر الرؤساء إقامة الدورة بالدوحة، إذا ما قرّرت الهيئة العامّة للشباب والرياضة بالكويت الاعتذار عن عدم الاستضافة..
وكانت أصوات قطرية قد رحبت بتنظيم الدورة المقبلة، وأمس، عقد الشيخ طلال الفهد لقاءً مفتوحاً مع الشيخ أحمد المنصور رئيس الهيئة الكويتية للشباب لتباحث الأمر، هذه القضية تفجرت فجأة بدون لزمة، وأصبحت أزمة جديدة في الرياضة الكويتية، حقاً كرة قدم عجيبة ومليئة بالأحداث، فالحرب دائمة في كل مكان، وتختلف فقط المسميات في المواقع.. والله من وراء القصد.