محمد الجوكر
* قبل 35 عاماً، في نهائي كأس الأمم الآسيوية السابعة التي أقيمت في الكويت لأول مرة بمنطقة الخليج العربي، التقى فريق البلد المنظم والمنتخب الكوري الجنوبي، وفي تلك المباراة الشهيرة، تألق نجوم الكويت، رغم تعثرهم في البداية بالتعادل مع الأبيض الإماراتي بهدف لمثله..
حيث قدم الأزرق ملحمة رائعة، برز فيها أسماء ما زالت عالقة بالأذهان، نتذكرهم جيداً ونعتز بهم، أمثال النجم الكبير جاسم يعقوب، الذي كنت ضيفاً عليه في منزله قبل عدة أسابيع، وقمت بزيارة متحفه الرائع والجميل، والذي يحمل كل الذكريات الكروية والرياضية، وعندما تدخل هذا المتحف التاريخي تشعر بالفخر والاعتزاز، أن يكون لدينا لاعب خليجي بهذه القيمة والأهمية والمكانة، بحجم «بوحمود»، فالصور والمجلدات والكتب وعشرات الميداليات وغيرها من الجوائز والأوسمة التي نالها من القادة، تملاً المكان..
ولم لا، وقد كان لاعباً مرعباً للمدافعين والحراس، وبعد تقاعده قبل أشهر، بدأ التفرغ لمكتبته التوثيقية، ووجدت بين هذه الوثائق والأفلام، مباراة نهائي آسيا عام 80، والتي تألق فيها أيضاً المعلق المخضرم خالد الحربان، وقال جملته الشهيرة بعد الانتهاء من اللقاء الفاصل «كوريا تروح كوريا والكويت تروح للكأس والبطولة»، وتشاء الصدف أن يتسبب الكوريون الآن في إبعاد الكويت من المنافسة في النهائيات الحالية بأستراليا، ومن بعدها عمان، ليبدأ الخروج العربي واحداً تلو الآخر، وبطائرة واحدة، تحت شعار كلنا خليجيون.
* والكرة الآن لا تعرف التاريخ، ولا ترحم من لا يعطيها، وبالتالي، كان وداع منتخبين عربيين خليجيين للمنافسة القارية مبكراً، وتلحقها البقية بخفي حنين، بينما المنتخبات التي تعتمد على التصريحات والأضواء الإعلامية، والتي لا مكان لها بالبطولة، فمن يريد اللقب يركز في الملعب فقط، دون توقف، ولكن مشكلتنا أن البعض من أعداء النجاح يحاربون الأكفاء، وللأسف، هذا هو حالنا اليوم، من يعمل يحارب، ومن يتفرج يزداد تألقاً ومنصباً..
وهذه سنة هذا الزمان!!، وأتذكر أنني كنت ذات مرة في اليابان مرافقاً صحافياً للمنتخب الوطني، وبرفقة الدكتور عبد الله ناصر العامري سفيرنا الحالي الآن في الأردن، وكان يومها رئيساً للوفد الكروي في تصفيات كأس العالم عام 92، وهناك التقيت بمسؤول ياباني كبير في اتحاد الكرة، وتحدثنا معه، وقال لنا عن موازنة اتحاد بلاده.
وكانت تقدر بنصف مليار دولار، والرقم كبير وأذهلنا، ولكنها الحقيقة، لاحظوا كيف وصلوا اليوم إلى قمة الهرم، ولنترك الشأن المالي على جنب، ودعونا نتابعهم عبر تصريحاتهم للتعبير عن مواقفهم، وتشعر أنهم إداريون محنكون، ودبلوماسيون بدرجة سفير، على عكس ربعنا العرب، التصريحات جاهزة في كل الاتجاهات، يبيعون الهوى والأوهام، بينما الاتحاد الياباني أطلق قنبلة مدوية قبل سنوات عدة، يؤكد أن منتخب بلاده سيفوز بكأس العالم عام 2050، وتعمل كل الجهات اليابانية من أجل ذلك منذ سنوات طويلة، لتحقيق هذا الوعد الذي أخذوه على عاقتهم، حقاً، إن الكرة اليابانية الأكثر نموذجاً ومثالية، فهل نتعلم منهم؟!
وحسب ما قرأته أمس حول توجهات الاتحادات الأهلية، حول ترشح الأمير علي بن الحسين لانتخابات رئاسة الفيفا، وإعلان أغلب الدول العربية والخليجية، دعمهم الصريح للسويسري بلاتر لاعتبارات كثيرة، جاء رد رئيس الاتحاد الياباني في هذا الشأن قائلاً:
«هذا قرار سياسي بالأساس، لا يمكن الحديث عنه قبل أن تتم دراسته ومناقشته في اليابان»، واعتبر أن مثل هذه القرارات المهمة، والتي لها انعكاسات كثيرة على وضع اللعبة في بلدهم لا تعلن بسرعة، وإنما تأخذ حظها من الدراسة أولاً قبل التصريحات غير المسؤولة، ليتنا نتعلم من حكماء اليابان.. والله من وراء القصد.