علي أبو الريش
اليوم يومك، والأيام زمانك ومكانك ورهانك، فأنت العلم وأنت القيم وأنت الشيم وأنت الحلم المتألق في ذاكرة الأمم.. شهيد.. بدمك، باسمك أيقظت في التاريخ مارداً، فكنت أنت السارد وأنت المارد وأنت الشاهد وأنت..
نت، اللحظة المباغتة لامست في القلب حرفاً من حروف الهجاء المنسية، أنت الومضة التي أضاءت زمناً عربياً، غط سباتاً حتى جاءت طلقة التضحية، فأنشأ يفكر ويبصر ويخبر من أين جاءت اللمضة.. إنها من فم شهيد، من بلد خرجت من رحم الصحراء، نخلة وارفة بالتضحيات، ثرية بالبطولات، غنية بملاحم التفاني ونكران الذات.. شهيد، وحدك الآن تؤكد من جديد للعالم أن في الإمارات قادة وشعباً جلهم قالوا كلمة واحدة.. كلنا مشاريع شهادة، من أجل السيادة ومن أجل الكرامة، ومن أجل عزة الناس أجمعين، ومن أجل دحر الطامعين والمتغطرسين والفاشيين والغاشمين والحاقدين والداعشيين.
شهيد، دمك هذا الأحمر القاني، دمك المقدس، رسم الصورة واضحة وجلية في عيون عشاق الحرية وأصحاب الفكر النير، دمك وضع السارية على قمة مجد، ورفرف العلم كأجنحة الطير خفاقاً متسقاً مع أحلام أهله.
للشهيد.. عندما لفظت النفس الأخير، كانت ابتسامتك بوسع تضاريس الأرض، وبشفافية ماء الخليج العربي، وعذوبة الأفلاج.. عندما أغمضت العين، كانت صورتك أمك والوطن، تغطان تحت جفنيك، كنت أنت المهد والنهد، كنت السرد والماء البرد، كنت سيدي المقال الأوسع انتشاراً في خارطة الروح، وكنت الرواية المجللة بثيمة الفداء، كنت الوعي بأكمله يحمل سجايا الناس النجباء، كنت الحارس والقابس والنابس باسم الرجال الأبطال، كنت مفتاح النافذة التي أطلت بنا على فضاء جديد وثقافة جديدة وشعور جديد وحياة جديدة، مكللة بعطور الشهداء وبخور النبلاء، كنت سيدي الهدهد الذي نقل الخبر اليقين من أن في أرض بلقيس هناك من يخون الذاكرة، وهناك من يحرف أعشاب الأرض، وهناك من يتحزم بذيل الشيطان، هناك يتوغل في وجدان الناس ظلماً وعدواناً، ويحرق ويسرق ويسابق الزمن من أجل الاعتداء على سيادة بلد، ومقدرات شعب، فجاءت البشارة من أهل العون والشرف الرفيع وارتفع الصوت عالياً. تباً لمن يغتصب الحقيقة، تباً لمن يلوث دم العروبة بفيروس طائفي بغيض.. وها هي الحقيقة الآن تبشرك سيدي الشهيد بأن الحق عائد إلى أصحابه طال الزمن أم قصر.