علي ابو الريش
أن يزهق الحوثيون أرواح أكثر من عشرة آلاف مواطن يمني أمر لا غرابة فيه، لأن هؤلاء باعوا الوطن لمن لا يعرف قيمة للإنسان، وهؤلاء من أجل السلطة ألبسوا أجندتهم لباس الطائفية، كما فعل أسيادهم حين ألبسوا العرقية، لباس الدين وساروا جميعاً في قارب مطاطي واحد، يتهادى في جبال اليمن من أجل الوصول إلى شواطئ أطماعهم وجشعهم على حساب المواطن اليمني الذي عانى من الجوع والعطش والتشرد، وفقدان أبسط مبادئ العيش الكريم.. فبعد أن فَقَدَ الحوثيون الأمل وهم يتلقون الضربات القاصمة على أيدي الشرفاء من هذه الأمة صاروا يصرخون كما تموء القطط المحشورة في خندق اليأس ويرمون قذائفهم عشوائياً، ليصيبوا المواطن اليمني ويهدموا البيوت على رؤوس ساكنيها من دون وازع أخلاقي ولا رادع ديني ولا مانع وطني، لأنهم فقدوا الحس وفاقد الشيء لا يعطيه.. ومن المؤسف جداً أن بعض المنظمات الدولية كشفت عن هذه الجرائم من دون أن تحدد بوضوح وصراحة هوية الجاني، لأن هذه المنظمات اعتادت على الخوض في المياه العكرة، وتعمدت تشويه الصورة وتلويث المشهد بحكايات وروايات ملفقة، وبعض متحدثيها نصب نفسه قاضياً من دون مؤهلات أخلاقية، وصار يوجه الاتهامات جزافاً من دون مراعاة لضمير ولا قيم ومبادئ إنسانية.. كنا نتمنى أن لا تصبح هذه المنظمات شاهد زور، وألا تفقد المصداقية عندما تتعرض لقضية تمس الإنسان وقضية وجوده، ولكن في عالم اختلطت فيه المعايير واختلت الأوزان، وشح الوجدان من أي ذرة من ذرات الأخلاق، لابد لنا أن نشهد مثل هذه الأحكام الجائرة، المهم في الأمر أن الحوثيين يمارسون هذا الطغيان بكل صلافة وعنجهية، مستغلين بذلك الغفلة العالمية وسبات الدول التي تدعي الالتزام بمسؤولية الحفاظ على قيم الحضارة.
الحوثيون يفعلون ذلك مدعومين من قبل دولة طالما عاثت فساداً في شعبها وأفقرته وسحقت الملايين تحت عجلات شعارات صفراء جهنمية وصارت رافعة الإيمان على عمامة أخفت تحتها بواطن الشر والعدوانية لكل ما هو عربي، ويا ليت يفهم الحوثيون هذا المغزى ولم يقعوا فريسة هذه الأفكار الظلامية.. يا ليتهم انحازوا للوطن من دون أن ينحرفوا باتجاه أوهام تاريخية غبراء شقية وتعسفية.