علي أبو الريش
المسلسلات في هذا الشهر الكريم، غطست كثيراً في جب الأحزان، وفاضت بدموع الممثلين والممثلات، وامتلأت الشاشات بقصص الحب الفاشلة، والعلاقات العاطفية ذات الأشجان والأحزان، وكأن الليالي في هذا الشهر، فقط مخصصة لتجسيد الحزن العربي والفقدان والخسران وما جاش في صدور كل فنان وفنانة .. كنا نتمنى أن نحظى بعمل واحد على الأقل يعالج قضايا إنسانية وثقافية، واجتماعية بشكل عميق يتناسب مع الزمن الراهن وثقافة الجيل، ولا أدري لماذا يعتقد المنتجون والمخرجون في هذا الفن أن العمل الدرامي لا يحلو ولا يصل إلى ذروة الإقناع إلا عندما يحشد العمل النفس ببعض الأدوار السطحية، والتي تخل بالعمل الفني وقدسيته وأهميته .. لا أدري لماذا نسوف الحب الإنساني أو نسف فيه، بحيث نجعله حالة تعسفية، تفيض بالمشاهد العبثية، والسوداوية على الرغم من أن الساحة تذخر بنتاجات أدبية ذات قيمة إبداعية جيدة جداً، ولكن المنتجين يصرون على انتقاء مثل هذه الأعمال المزدحمة بأدوار فنية مليئة بالاكتئاب، زاخرة بوجوه ممثلين وممثلات حزينة إلى درجة الانقباض مكفهرة إلى درجة العدمية..
نحن بحاجة إلى فن يعبر عن نفسه بشكل جاد ويقدم للمشاهد أعمالاً تستحق المشاهدة والمناقشة وقضاء وقت طويل في المتابعة، نحن بحاجة إلى فن يخرج من شرنقة الأعمال الهابطة ويحضر أمام الشاشة وأمام الناس بمضامين قوية وعميقة وذات دلالة فنية تتعايش مع هموم الناس ومشاكلهم وهواجسهم، نحن بحاجة إلى فن لا يختلس زماننا ولا يسرق أعمارنا ولا يختبئ في عيوننا بمشاهد ركيكة، وضعيفة لا تعبر إلا عن ضعف بعض المنتجين والمخرجين، وكذلك المؤلفين الذين انتشروا في هذا الزمان مثل فتيات الإعلانات .. نحن بحاجة إلى فن يرتقي بمشاعرنا وينهض بأفكارنا، وينتج شيئاً جديداً في داخلنا، ويضيء نفوسنا بأعمال باهرة وذات قيمة عالية في مستوى أداء الممثل، أو ما يطرح من موضوعات بعيداً عن علاقات الحب «الأصفر».