علي أبو الريش
يبدو أن الوضع في ليبيا ذاهب إلى ما يشبه الوضع في الصومال أو أسوأ، فعشاق الدم، باتت شهيتهم مفتوحة، بوسع صحراء ليبيا واتساع البحر المتوسط، وما يتم محاربته هو الوهم، لأن الشر ضرب في النخاع وأصبح عظم ليبيا مثل اللوح المثقوب بالوجه.
وأتصور أن لو كان هناك صدق وجدية من قبل القوى العالمية، لاستطاع الجميع بتكاتفهم أن يقضوا على هذا الوباء والتخلص من أدوائه ولكن للأسف فإن للقوى العظمى مشاكلها البينية، وكل يبكي على ليلاه، وليلى ليبيا ضائعة في براثن الغي والطغيان، فمهما قيل عن المواجهة مع طوفان المتشددين، فما دامت القوى العظمى تخالف لتعرف، وتتحالف مع مصالح ضيقة، وتضيق الخناق على الحقيقة بحيث لا يبين منها سوى رأس الإبرة، فإن التطرف سوف يغرس مخالبه في كل مكان وأينما استطاع أن يصل، لأن المستفيدين من انتشاره كُثر والمتزحلقين على حجره كُثر، والذاهبين في أوهامه كُثر.
إذاً ما الحل؟.
أعتقد أن الكثير من الدول العربية لها مصالح مشتركة مع الدول الفاعلة والمتفاعلة مع الحدث الجلل، لذلك فإن الدول العربية، ينبغي لها أن تطالب بكشف الحقيقة والوقوف على الأمر الواقع بعين لا تغشيها غاشية، ولا تطمسها أشعة الضوء السامة، وأن توضع تلك الدول الكبرى أمام مسؤولياتها والتزاماتها الأخلاقية، فتلك الدول هي التي فتحت أفواه النيران تحت ذرائع الديموقراطية والحرية، وهي التي ادعت ودعت العالم العربي لأن يحذو حذوها، في تطبيق هذه الديموقراطية المدعاة، أما بعد ما تم من تهميش وتهويش للديموقراطية بفعل فاعل جاهل غافل متغافل، وبعد أن فاضت مياه الأمطار من الوديان لعدم وجود قوانين تحكم هذه الفوضى، فإن من وضع نفسه وصياً على العالم عليه الآن أن يتحمل مثل هذه المجازر التي تحصد الأرواح، وتذهب بالمكتسبات إلى غير رجعة.
ما يحصل في ليبيا مثال للتعنت والتطرف، ونموذج للامبالاة من طرف الدول الكبرى، لأنها قد تريد ذلك عن قصد أو غير قصد، ولكن ما يحصل هو بفعل اندفاع غربي عصبي أسس للدبابير مكاناً للاستيطان على حساب الأوطان والإنسان، وضد قوانين الطبيعة وضد الشرائع السماوية.
الدول العربية يجب أن تقف موقف الحسم والجزم، لأن ما يحصل في ليبيا، يدعو للفزع، كون التطرف وصل إلى أقصى مداه، وذابت المبادئ في بوتقة النيران الحارقة، والشوفينية المقيتة، وما نسمعه من هرج ومرج ليس عفوياً وإنما هو تصرف مقصود، الهدف منه تشويه الجمال الإنساني، وإشاعة شريعة الغاب، ليبدأ العالم العربي من جديد التقاط أنفاسه، تحت صخور الكهوف المظلمة، ويقتات الناس حثالة ما تقذفه أيادي الآخرين.
ما يحصل في الوطن العربي وبالذات في ليبيا، هو صورة واضحة للهمجية الفكرية، والاستخفاف من جهة الدول ذات السطوة والقوة.
ما يحصل في ليبيا يجعلنا نقول بصراحة إن ما أطلق عليهم الإسلاميون المتطرفون، هم صنيعة أفكار بغيضة، والدليل على ذلك أن أغلب هؤلاء الذباحين يتحدثون بلغة عربية مثقوبة النطق والمنطق.