علي أبو الريش
من قلب الأبوة الحانية، من قلب يتسع الفضاء الشاسع، مرت لمسات الحرير على أكتاف البواسل، كان الموقف رهيباً، كان خضيباً بعبق الأرض التي أنجبت أنجاباً وبواسل، كان الزمن أنهاراً حيث غسلت أشعة الشمس بخيوط الذهب جباه الذين ما توانوا وما تهاونوا عن بث الروح في الأجساد ونثر رذاذ الحلم الجميل على أفئدة الذين جاؤوا ليحطوا على أديم الأرض، بأجنحة الصقور، والرؤوس مرفوعة مثل سوامق الشجر، مثل بواسق الأغصان الطالعة إلى السماء.
. كان يوماً مجللاً بالحب، وتساقت القلوب عذب اللقاء، كان يوماً مكللاً بفرحة النصر، وسعادة المصافحة، وقبلات الحنان التي أنتجت مشاعر حدودها تبدأ من اليمن وتنتهي عند مهبط الخير، كان يوماً تلاقت فيه العيون، مغرورقة بدمع الحبور والسرور، حيث الأبناء البواسل، امتطوا صهوات العز معززين بالفخر، والكبرياء وشيم النبلاء، جالوا وصالوا في المكان، ومعهم أفئدة العشاق، تتبع الخطوات، ويمضي الركب المبارك، ينثر ألوان العلم الكريم، في أجواء رسمت لوحة تشكيلية يعجز أي عبقري أن يصيغ ألوانها وخطوطها، لأنها لوحة الوطن، لوحة الحب، لوحة القيادة التي كرّست حضوراً بهيجاً، ومن نوع أريج القيم العالية.
القلوب افترشت دروباً، سجادتها هذا الوجدان المتألق، هذا الإنسان الإماراتي الفريد العتيد، المجيد الضرغام الصنديد، فلا تخشى من حسد ولا من غاشم كند، لأن عين الله ترعى هذا الوطن، وأهله، لأن حرزنا هو تآلفنا وتكاتفنا وتحالفنا، وتعاضدنا وتعاوننا على البر والتقوى، على الحفاظ على منجزات الوطن وصيانة مكتسباته بسواعد الرجال وعقولهم وقلوبهم التي لا تلين لمحنة ولا تنثني لأزمنة إنها قلوب الصحراء العريقة، ومشاعر النخلة المعطاء، وصمود «الغاف» وجلد السدر، وجسارة البحر الأغر.
بواسلنا، فلذات قلوبنا، وأكبادنا، هؤلاء هم الحلم الكبير، هؤلاء هم الذين سددوا الضربة القاضية لكل مغرض وكل من في قلبه مرض، هؤلاء تجاوزوا حدود الممكن ليصبح المستحيل نهراً جارياً، يأخذ قواربهم، إلى حيث يكمن الحق، وتستقر الحقيقة، بواسلنا هنا وبواسلنا هناك، جميعاً رفعوا الشأن، وحموا الأمن، وصنعوا غدنا، ومستقبلنا، عندما أطاحت سواعدهم، بأمنيات الطامعين، والطامحين إلى الغدر والخيانة، والارتماء في أحضان الضغينة والحقد.
هؤلاء هم بواسلنا، شجعان أشاوس، أسسوا لثقافة عربية جديدة، ثقافة أحبطت الإحباط، وأطاحت باليأس، وزرعت أشجاراً جديدة، ببذور القوة، والصراحة والحسم، في مواجهة من تكبر وتجبر .. ضربوا عنق الخيالات المريضة، وقطعوا دابر الدسائس.. هؤلاء بواسلنا، أيقظوا فينا الأمل، ودحضوا كذب من ظنوا أنهم قادرون على تمرير مشاريعهم البغيضة على حساب العرب ومصيرهم.. هؤلاء هم بواسلنا، أنجال قيادة الحكمة شريعتها، والفطنة قانونها، والرصانة حقيقتها، والحب ناموسها.